كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم
وكذلك ابن عمه حسن بن حسن -شيخ أهل بيته- کره أن يقصدَ الرجلُ القبرَ للسلام عليه ونحوه عند دخول المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدًا. رواه سعيد (¬١) .
فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل بيته -رضي الله عنهم-. ومعلوم ما كان هو -صلى الله عليه وسلم- يأمر أصحابه إذا دخلوا القبور أن يقول أحدهم: "السلامُ عَلَى أهل الدِّيارِ من المؤمنينَ والمسلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدمينَ مِنَّا والمُسْتأخِرين وإنَّا إن شاءَ اللهُ بِكُم للاحِقُونَ" (¬٢) . ونحوه من الأحاديث المشهورة، وكالصلاة على الميت والدعاء له.
وما كان عليه السابقون الأولون هو المشروع للمسلمين في ذلك كله، وهذا الذي كانوا يفعلونه عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره.
فزيارة القبور في الجملة جائزة، حتى قبور الكفار، فإن في "صحيح مسلم" (¬٣) أنه قال: "استأذَنْتُ رَبِّي أنْ أسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يأذَنْ لي، واسْتأذَنْتُه أنْ أزُوْرَ قَبْرَها فأذِنَ لي"، وقال: "زُوْرُوا القُبُوْرَ فإنَّها تذكِّرُ الآخِرَةَ" (¬٤) . فهذه الزيارة التي تذكِّر الآخرة، ولِتَحيتهم والدعاءِ لهم هو الذي جاءت به السنة، كما تقدم.
وقد اختلف أصحابُنا وغيرُهم؛ هل يجوز السفر لزيارتها؟ على قولين:
---------------
(¬١) تقدم ص/ ١٦١.
(¬٢) أخرجه مسلم رقم (٩٧٥) من حديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-.
(¬٣) رقم (٩٧٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬٤) أخرجه أحمد: (٢/ ٣٩٨ رقم ١٢٣٦) من حديث علي -رضي الله عنه-، وفي سنده ضعف، وله شواهد يصح بها عند الترمذي وغيره من حديث بريدة.