كتاب المدخل لابن الحاج (اسم الجزء: 1)

لِبَعْضِ النَّاسِ وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقِيَامِ الْمَنْدُوبِ أَوْ الْجَائِزِ مَا تَقَرَّرَ فَافْهَمْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ يُوَفِّقُنَا وَإِيَّاكَ. ثُمَّ قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا مَا تَيَسَّرَ نَاجِزًا مِنْ الْأَحَادِيثِ وَأَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ مِنْ التَّرْخِيصِ فِي الْقِيَامِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ وَبِأَمْرِهِ بِذَلِكَ لِلْأَنْصَارِ وَبِتَقْرِيرِهِ حِينَ فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ وَمِنْ فِعْلِ جَمَاعَاتٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي مَوَاطِنَ وَجِهَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ وَمِنْ جِهَةِ أَئِمَّةِ النَّاسِ فِي أَعْصَارِهِمْ فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالزُّهْدِ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ حِينَ أُتِيَ بِهِ وَمَا الْمُرَادُ بِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ لِلْجَوَازِ بَلْ لِلْمَنْعِ أَقْرَبُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
وَقَدْ عَمِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْجُزْءَ الَّذِي عَمِلَهُ فِي إبَاحَةِ الْقِيَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِيمَا وَرَدَ مِنْ التَّرْخِيصِ فِي الْقِيَامِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِيمَا وَرَدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ الْقِيَامِ وَالْجَوَابِ عَنْهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مُسْتَوْفًى وَبَقِيَ الْفَصْلَانِ اللَّذَانِ بَعْدَهُ.

فَقَالَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُسْلِمٌ لَا يُنَازَعُ فِيهِ إلَّا أَنَّ تَعْظِيمَ الْحُرُمَاتِ وَالشَّعَائِرِ قَدْ عُرِفَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْقِيَامِ فِيهَا مَجَالٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنْ إجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا» مُسْلِمٌ (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» التِّرْمِذِيُّ. (عَنْ

الصفحة 181