كتاب المدخل لابن الحاج (اسم الجزء: 1)

وَمَا يَلْزَمُهُنَّ مِنْ صِيَانَةِ الْفُرُوجِ وَالتَّسَتُّرِ عَنْ الْأَجَانِبِ وَمُمِيلَاتٌ يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ الدُّخُولَ فِي مِثْلِ فِعْلِهِنَّ، وَقِيلَ مَائِلَاتٌ مُتَبَخْتِرَاتٌ يُمِلْنَ رُءُوسَهُنَّ وَأَعْطَافَهُنَّ لِلْخُيَلَاءِ وَالتَّبَخْتُرِ وَمُمِيلَاتٌ لِقُلُوبِ الرِّجَالِ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَطِيبِ رَائِحَتِهِنَّ، وَقِيلَ يَتَمَشَّطْنَ الْمَيْلَاءَ يَهِيَ مِشْطَةُ الْبَغَايَا، وَالْمُمِيلَاتُ اللَّوَاتِي يُمَشِّطْنَ غَيْرَهُنَّ مِشْطَةَ الْمَيْلَاءِ، ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى رُءُوسِهِنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ» مَعْنَاهُ يُعَظِّمْنَ رُءُوسَهُنَّ بِالْخُمُرِ وَالْمَقَانِعِ وَيَجْعَلْنَ عَلَى رُءُوسِهِنَّ شَيْئًا يُسَمَّى عِنْدَهُنَّ النَّاهِرَةَ لَا عَقْصُ الشَّعْرِ وَالذَّوَائِبُ الْمُبَاحَةُ لِلنِّسَاءِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَلَى رُءُوسِهِنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ» فَهَذَا مُشَاهَدٌ مَرْئِيٌّ، إذْ أَنَّ فِي عِمَامَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سَنَامَيْنِ،
وَأَقَلُّ مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ أَنَّ رَأْسَهَا يَعْتَلُّ بِسَبَبِ هَذِهِ الْعِمَامَةِ
؛ لِأَنَّهُنَّ اتَّخَذْنَهَا عَادَةً مِنْ فَوْقِ الْحَاجِبَيْنِ وَفِي ذَلِكَ مَفَاسِدُ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَرْأَةَ مَحِلٌّ لِاسْتِمْتَاعِ الرَّجُلِ وَأَعْظَمُ جَمَالٍ فِيهَا وَجْهُهَا وَهِيَ تُغَطِّي أَكْثَرَهُ فَتَقَعُ بِذَلِكَ فِي الْإِثْمِ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ زَوْجَهَا حَقَّهُ وَلَوْ رَضِيَ زَوْجُهَا بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تُمْنَعُ مِنْهُ لِمُخَالَفَتِهَا لِلسُّنَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ مَسْتُورَةً، فَإِذَا احْتَاجَتْ إلَى الْوُضُوءِ تَحْتَاجُ إلَى كَشْفِهَا حَتَّى تَغْسِلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا، فَإِذَا غَسَلَتْهُ فَقَدْ تُسْتَهْوَى؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ قَدْ اعْتَادَ التَّغْطِيَةَ فَإِذَا كَشَفَتْهُ عِنْدَ الْغَسْلِ قَدْ تَتَضَرَّرُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَرْكِ فَرْضَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: غَسْلُ الْوَجْهِ.
وَالثَّانِي: مَسْحُ الرَّأْسِ.
وَالثَّالِثُ: الزِّينَةُ الَّتِي جَمَّلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي وَجْهِهَا سَتَرَتْهَا عَنْ زَوْجِهَا، وَقَدْ يُفْضِي ذَلِكَ لِلْفِرَاقِ؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَشِعَةَ الْمَنْظَرِ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ فِيهِ بَعْضَ جَمَالٍ لَهَا فَهَذَا نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ،
فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ جَمَالٌ لَهَا فَتُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ
لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مُخَالَفَتِهَا لِلسُّنَّةِ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الِاتِّبَاعِ

[فَصْلٌ تَوْسِيعِ النِّسَاء الْأَكْمَامِ الَّتِي أَحْدَثْنَهَا مَعَ قِصَرِ الْكُمِّ]
فَصْلٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُنَّ مِنْ تَوْسِيعِ الْأَكْمَامِ الَّتِي أَحْدَثْنَهَا مَعَ قِصَرِ الْكُمِّ فَإِنَّهَا إذَا رَفَعَتْ يَدَهَا ظَهَرَتْ أَعْكَانُهَا وَنُهُودُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا

الصفحة 243