كتاب المدخل لابن الحاج - الفكر (اسم الجزء: 1)
الحمار برحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له يا هذا ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه أو كما قال وفي الحديث الوارد أيضا أن أشد الناس حسرة يوم القيامة رجلان رجل علم علما فيرى غيره يدخل به الجنة لعمله به وهو يدخل النار لتضييعه العمل ورجل جمع المال من غير وجهه وتركه لوارثه فعمل به الخير فيرى غيره يدخل به الجنة وهو يدخل النار أو كما قال عليه الصلاة والسلام وذكر أبو عمر بن عبد البر وابن ماجه وابن وهب من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا فامتنعت أن أتكلم بشيء لم يحتو عليه عمل فأقع فيما تقدم ذكره لكن عارضتني أحاديث أخر لم يمكني الامتناع لأجلها لأن ترك العمل معصية وترك تبليغ العلم معصية أخرى سيما إذا طلب مني فارتكاب معصية واحدة أخف بالمرء من ارتكاب معصيتين بالضرورة القطعية والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة منها قوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ألا فليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه أو كما قال قال علماؤنا رحمة الله عليهم معناه أعمل به ممن بلغه إليه ومنها قوله عليه الصلاة والسلام إذا ظهرت الفتن وشتم أصحابي فمن كان عنده علم فكتمه فهو كجاحد ما أنزل على محمد انتهى وهذا أمر خطر وقد أخذ الله العهد على العلماء أن يعلموا وأخذ إذ ذاك العهد على الجهال أن يسألوا فأشفقت من هذا أكثر من الأول فآثرته عليه مع أن فيه فائدة أخرى كبيرة وهو أن يكون تذكرة لي في كل وقت وحين بالنظر فيه ومطالعته فأتذكر به ما كان يمضي من بعض العلم في ذلك في مجالس سيدي الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي حمزة رحمه الله فرأيت أن الإجابة قد تعينت
____________________
الصفحة 4
317