كتاب المدخل لابن الحاج (اسم الجزء: 3)

فِيهَا سُورَةَ يس أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَيَعْصِبْنَهُ بِهَا فِي يَوْمِ سَابِعِهِ.
وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُنَّ مِنْ جَعْلِ السِّكِّينِ الَّتِي قُطِعَتْ بِهَا سُرَّةُ الْمَوْلُودِ عِنْدَ رَأْسِهِ مَا دَامَتْ أُمُّهُ جَالِسَةً عِنْدَهُ، فَإِذَا قَامَتْ حَمَلَتْهَا مَعَهَا تَفْعَلُ هَذَا مُدَّةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيُعَلِّلْنَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُصِيبَهَا شَيْءٌ مِنْ الْجَانِّ، وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُنَّ مِنْ أَنَّ الْمَوْلُودَ إذَا غَابَتْ عَنْهُ أُمُّهُ لِضَرُورَةٍ فِي الْبَيْتِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يَقْعُدُ عِنْدَ الْمَوْلُودِ تَجْعَلُ عِنْدَهُ كُوزًا مَمْلُوءًا مَاءً وَشَيْئًا مِنْ الْحَدِيدِ.
وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُنَّ مِنْ أَخْذِهِنَّ شَيْئًا مِنْ الْمِلْحِ، وَيَصْبُغْنَ بَعْضَهُ بِالزَّعْفَرَانِ، وَبَعْضَهُ بِالزِّنْجَارِ غَالِبًا، وَيَخْلُطْنَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْكَمُّونِ الْأَسْوَدِ وَيُوقِدُونَ الشَّمَعَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَتَلْبَسُ أُمُّ الْمَوْلُودِ ثِيَابًا حِسَانًا، وَيَدُرْنَ بِهَا بِوَلَدِهَا الْبَيْتَ كُلَّهُ، وَالْقَابِلَةُ أَمَامَهَا حَامِلَةً لِلْمَوْلُودِ، وَامْرَأَةٌ أُخْرَى أَمَامَ الْقَابِلَةِ مَعَهَا طَبَقٌ فِيهِ الْمِلْحُ الْمَذْكُورُ وَيَنْثُرْنَهُ فِي الْبَيْتِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَفِي الطَّبَقِ شَيْءٌ مِنْ الْبَخُورِ بَخُورٌ مَخْصُوصٌ بِالْوِلَادَةِ، وَيَزْعُمْنَ أَنَّهُ يَنْفَعُ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَالْكَسَلِ وَالْعَيْنِ وَالْجَانِّ وَالشَّرِّ كُلِّهِ، وَهَذَا مِنْهُنَّ كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ وَبِدَعٌ لَيْسَتْ مِنْ الشَّرْعِ الْمُطَهَّرِ فِي شَيْءٍ.
فَاللَّبِيبُ مَنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ إلَى الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَتَرَكَ كُلَّ مَا أَحْدَثَهُ الْمُحْدِثُونَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْدَثَ شَيْئًا فَالْغَالِبُ أَنَّهُ يُعَلِّلُهُ بِتَعَالِيلَ لَا يَقُومُ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى سَاقٍ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ بَاطِلُهَا إلَّا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَةِ وَالتَّمْيِيزِ غَالِبًا، فَلْيَحْذَرْ مِنْ الْعَوَائِدِ الرَّدِيئَةِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ، وَحَيْثُ كَانَتْ فَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الِاتِّبَاعِ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي الِابْتِدَاعِ. أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالِاتِّبَاعِ وَتَرْكِ الِابْتِدَاعِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[أَحْكَام الْعَقِيقَة]
وَيَنْبَغِي لِوَلِيِّ الْمَوْلُودِ إنْ كَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ فِي سَابِعِهِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ فِي السِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ. وَقَدْ سُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَمَّا يُتَّقَى فِي الضَّحَايَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، وَقَالَ: أَرْبَعٌ: الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ

الصفحة 291