كتاب المدخل لابن الحاج (اسم الجزء: 4)

شَيْءٌ فَلَا شَكَّ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَبُلُوغِهِ مَا يُؤَمِّلُهُ وَوُقُوعِ الرَّاحَةِ لَهُ.
وَقَوْلُهُ «اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: وَفِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ» الشَّكُّ هُنَا مِنْ الرَّاوِي فِي أَيِّهِمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ فِي تَحْصِيلِ بَرَكَةِ لَفْظِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْقَطْعِ فَيَأْتِي بِهِمَا مَعًا.
وَقَوْلُهُ «فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ» فَمَنْ رَضِيَ بِمَا اخْتَارَهُ لَهُ سَيِّدُهُ الْعَالِمُ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَبِمَصَالِحِ الْأَشْيَاءِ جَمِيعِهَا بِعِلْمِهِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَا يَتَبَدَّلُ وَلَا يَتَحَوَّلُ فَقَدْ سَعِدَ السَّعَادَةَ الْعُظْمَى.
وَقَوْلُهُ «، وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ» الشَّكُّ مِنْ الرَّاوِي.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ «فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» فَمَنْ سَكَنَ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَضَرَّعَ إلَيْهِ وَلَجَأَ فِي دَفْعِ جَمِيعِ الشَّرِّ عَنْهُ فَلَا شَكَّ فِي سَلَامَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا يَتَوَقَّعُ مِنْ الْمَخَاوِفِ فَأَيُّ دُعَاءٍ يَجْمَعُ هَذِهِ الْفَوَائِدَ وَيُحَصِّلُهَا مِمَّا اخْتَارَهُ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ مِمَّا يَخْطِرُ بِبَالِهِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْجَلِيلَةِ الَّتِي احْتَوَتْ عَلَى مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ إلَّا أَنَّ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ مُمْتَثِلًا لِلسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ مُحَصِّلًا لِبَرَكَتِهَا ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ تَحْصُلُ لَهُ بَرَكَةُ النُّطْقِ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَرْبُو عَلَى كُلِّ خَيْرٍ يَطْلُبُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَيَخْتَارُهُ لَهَا.
فَيَا سَعَادَةُ مَنْ رُزِقَ هَذَا الْحَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَحْرِمَنَا ذَلِكَ بِمَنِّهِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَهَا الْمُكَلَّفُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَمْتَثِلَ مَا مَضَى مِنْ السُّنَّةِ فِي أَمْرِ الدُّعَاءِ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ أَوَّلًا بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَأْخُذُ فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ ثُمَّ يَخْتِمُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ الِاسْتِخَارَةِ وَالِاسْتِشَارَةِ مِنْ كَمَالِ الِامْتِثَالِ لِلسُّنَّةِ.
فَيَنْبَغِي لِلْمُكَلَّفِ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى إحْدَاهُمَا فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاقْتِصَارِ فَعَلَى الِاسْتِخَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي كَانَ

الصفحة 40