كتاب المدخل لابن الحاج (اسم الجزء: 4)

الْبَدَنَ وَيُنَشِّطُهُ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ فِيهِ أَمْنًا مِنْ وَجَعِ الْمَفَاصِلِ وَكَفَى بِهَا وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَشْيِ وَمَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ فَلَا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]

[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ]
(فَصْلٌ) فَإِذَا رَكِبَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: شَهِدْت عَلِيًّا أُتِيَ لَهُ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي خُرُوجِ الْعَالِمِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي السُّوقِ.
ثُمَّ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ «اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْأَصْحَابِ اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِك مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْأَصْحَابِ»

[فَصْلٌ يَنْبَغِي لتاجر البز أَنْ لَا يَسْلُكَ بُنَبَّاتِ الطُّرُقِ]
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْلُكَ بُنَبَّاتِ الطُّرُقِ لِمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْآفَاتِ فِيهَا.
وَقَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوِحْدَةَ فِي السَّفَرِ وَقَالَ «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ مَعَ النَّاسِ وَلَا يَنْفَرِدَ وَحْدَهُ بِطَرِيقٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ الْآفَاتِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ وَيَنْبَغِي إذَا سَافَرَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ أَنْ يُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَيُشْتَرَطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَهُمْ عِلْمًا وَصَلَاحًا وَعَقْلًا وَرَأْيًا فَإِنْ جَمَعَهَا كُلَّهَا فَهُوَ الْكَمَالُ، وَإِنْ عَدِمَ بَعْضَهَا فَصَاحِبُ الرَّأْيِ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْأَوْلَى بِالتَّقْدِمَةِ وَيَلْزَمُهُ نُصْحُهُمْ وَتَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ إذَا أَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا مِنْ رَعِيَّتِهِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ»

[فَصْلٌ لَا يَسْتَصْحِبَ التاجر الْمُسَافِر جَرَسًا وَلَا كَلْبًا]
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ جَرَسًا وَلَا كَلْبًا، وَكَذَلِكَ

الصفحة 48