كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)
- صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ إلَى بِئْرِ جَمَلٍ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَمَسَّحَ بِجِدَارٍ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ?
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْحَدِيثَانِ الْأَوَّلاَنِ ثَابِتَانِ , وَبِهِمَا نَأْخُذُ وَفِيهِمَا وَفِي الْحَدِيثِ بَعْدَهُمَا دَلاَئِلُ مِنْهُ أَنَّ السَّلاَمَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ التَّيَمُّمِ وَبَعْدَ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ وَالتَّيَمُّمِ لاَ يُجْزِي الْمَرْءَ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لاَ يَكُونُ التَّيَمُّمُ فِيهِ طَهَارَةً لِلصَّلاَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجُوزُ وَالْمَرْءُ غَيْرُ طَاهِرٍ لِلصَّلاَةِ.
قال : وَيُشْبِهُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ غَيْرَ طَاهِرٍ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
قال : وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ مَرَّ عَلَى مَنْ يَبُولُ أَوْ يَتَغَوَّطُ أَنْ يُكَفَّ عَنْ السَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي حَالَتِهِ تِلْكَ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَدَّ السَّلاَمِ فِي تِلْكَ الْحَالِ مُبَاحٌ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ فِي حَالَتِهِ تِلْكَ وَعَلَى أَنَّ تَرْكَ الرَّدِّ حَتَّى يُفَارِقَ تِلْكَ الْحَالِ وَيَتَيَمَّمَ مُبَاحٌ ثُمَّ يَرُدَّ وَلَيْسَ تَرْكُ الرَّدِّ مُعَطِّلاً لِوُجُوبِهِ وَلَكِنَّ تَأْخِيرَهُ إلَى التَّيَمُّمِ.
قال : وَتَرْكُ رَدِّ السَّلاَمِ إلَى التَّيَمُّمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ اخْتِيَارًا عَلَى الذِّكْرِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَا مُبَاحَيْنِ لِرَدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ التَّيَمُّمِ وَبَعْدَهُ.
قال : فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَقُولَ لَمَّا تَيَمَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ السَّلاَمَ ; لِأَنَّهُ قَدْ جَازَ لَهُ قُلْنَا بِالتَّيَمُّمِ لِلْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَخَافَ فَوْتَهُمَا قُلْنَا وَالْجِنَازَةُ وَالْعِيدُ صَلاَةٌ وَالتَّيَمُّمُ لاَ يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ لِصَلاَةٍ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّهُمَا ذِكْرٌ جَازَ الْعِيدُ بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ كَمَا جَازَ فِي السَّلاَمِ بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ .@
الصفحة 109