كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)
فَإِنْ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ صَبِّ مَاءٍ لَمْ تَطْهُرْ حَتَّى يُصَبَّ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَطْهُرُ بِهِ الْبَوْلُ , وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يُطَهِّرُهَا وَذَهَبَ اللَّوْنُ وَالرِّيحُ لَيْسَ بِجَسَدٍ وَلاَ لَوْنٍ فَقَدْ طَهُرَتْ الْأَرْضُ وَإِذَا كَثُرَ مَا يُصَبُّ مِنْ الْخَمْرِ عَلَى الْأَرْضِ فَهُوَ كَكَثْرَةِ الْبَوْلِ يُزَادُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ كَمَا وَصَفْته يُزَادُ عَلَى الْبَوْلِ إذَا كَثُرَ وَكُلُّ مَا كَانَ غَيْرَ جَسَدٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى لاَ يُخَالِفُهُ فَإِنْ كَانَتْ جِيفَةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَسَالَ مِنْهَا مَا يَسِيلُ مِنْ الْجِيَفِ فَأُزِيلَ جَسَدُهَا صُبَّ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ الْمَاءِ كَمَا وَصَفْته يُصَبُّ عَلَى الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ فَإِذَا صُبَّ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ عَيْنٌ وَلاَ لَوْنٌ وَلاَ رِيحٌ فَهَكَذَا.
قال : وَهَكَذَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهَا عَذِرَةٌ أَوْ دَمٌ أَوْ جَسَدٌ نَجَسٌ فَأُزِيلَ .
( قَالَ ) وَإِذَا صَبَّ عَلَى الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْ الذَّائِبِ كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وَالصَّدِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ أَثَرُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ فَكَانَ فِي شَمْسٍ أَوْ غَيْرِ شَمْسٍ فَسَوَاءٌ وَلاَ يُطَهِّرُهُ إلَّا أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَإِنْ أَتَى عَلَى الْأَرْضِ مَطَرٌ يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ يُصِيبُ مَوْضِعَ الْبَوْلِ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي وَصَفْت أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَانَ لَهَا طَهُورًا وَكَذَلِكَ إنْ أَتَى عَلَيْهَا سَيْلٌ يَدُومُ عَلَيْهَا قَلِيلاً حَتَّى تَأْخُذَ الْأَرْضُ مِنْهُ مِثْلَ مَا كَانَتْ آخِذَةً مِمَّا صُبَّ عَلَيْهَا وَلاَ أَحْسَبُ سَيْلاً يَمُرُّ عَلَيْهَا إلَّا أَخَذَتْ مِنْهُ مِثْلَ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يُطَهِّرُهَا مِنْ مَاءٍ يُصَبُّ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ يُحِيطُ بِأَنَّ سَيْلاً لَوْ مَسَحَهَا مَسْحَةً لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ قَدْرَ مَا كَانَ يُطَهِّرُهَا لَمْ تَطْهُرْ حَتَّى يَصُبّ عَلَيْهَا مَا يُطَهِّرُهَا وَإِنْ صَبَّ عَلَى الْأَرْضِ نَجِسًا كَالْبَوْلِ فَبُودِرَ مَكَانُهُ فَحَفَرَ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ شَيْءٌ رَطْبٌ ذَهَبَتْ النَّجَاسَةُ كُلُّهَا وَطَهُرَتْ بِلاَ مَاءٍ وَإِنْ يَبِسَ وَبَقِيَ لَهُ أَثَرٌ فَحُفِرَتْ حَتَّى لاَ يَبْقَى يُرَى لَهُ أَثَرٌ لَمْ تَطْهُرْ ; لِأَنَّ الْأَثَرَ لاَ يَكُونُ مِنْهُ إلَّا الْمَاءُ طَهُرَ حَيْثُ تَرَدَّدَ إلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنْ قَدْ أَتَى بِالْحَفْرِ عَلَى مَا يَبْلُغُهُ الْبَوْلُ فَيُطَهِّرُهُ فَأَمَّا كُلُّ جَسَدٍ وَمُسْتَجْسِدٍ قَائِمٍ مِنْ الْأَنْجَاسِ مِثْلَ الْجِيفَةِ وَالْعَذِرَةِ وَالدَّمِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَلاَ تَطْهُرُ الْأَرْضُ مِنْهُ إلَّا بِأَنْ يَزُولَ عَنْهَا ثُمَّ يُصَبَّ عَلَى رَطْبٍ إنْ كَانَ مِنْهُ فِيهَا مَا يُصَبُّ عَلَى الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ فَإِنْ ذَهَبَتْ الْأَجْسَادُ فِي التُّرَابِ حَتَّى يَخْتَلِطَ بِهَا فَلاَ يَتَمَيَّزُ مِنْهَا كَانَتْ كَالْمَقَابِرِ لاَ يُصَلَّى فِيهَا وَلاَ تَطْهُرُ ; لِأَنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ مِنْ الْمُحَرَّمِ@
الصفحة 112