كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

حَيْضَهَا كَانَ سِتًّا , أَوْ سَبْعًا فَقَدْ يَحْتَمِلُ حَدِيثُهَا مَا احْتَمَلَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَلاَلَةٌ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ سِتًّا , أَوْ سَبْعًا ; لِأَنَّ فِيهِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَتَحَيَّضِي سِتًّا , أَوْ سَبْعًا ثُمَّ اغْتَسِلِي فَإِذَا رَأَيْت أَنَّكِ قَدْ طَهُرْت فَصَلِّي ? فَيَحْتَمِلُ إذَا رَأَتْ أَنَّهَا قَدْ طَهُرَتْ بِالْمَاءِ واستنقت مِنْ الدَّمِ الْأَحْمَرِ الْقَانِئِ.
قال : وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ طَهُرْت واستنقت بِالْمَاءِ ..
قال : فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ حَمْنَةَ كَانَتْ عِنْدَ طَلْحَةَ وَوَلَدَتْ لَهُ وَأَنَّهَا حَكَتْ حِينَ استنقت ذَكَرَتْ أَنَّهَا تَثُجُّ الدَّمَ ثَجًّا وَكَانَ الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ طَلْحَةَ لاَ يَقْرَبُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَلاَ تَطِيبُ هِيَ نَفْسُهَا بِالدُّنُوِّ مِنْهُ وَكَانَ مَسْأَلَتُهَا بَعْدَمَا كَانَتْ زَيْنَبُ عِنْدَهُ دَلِيلاً مُحْتَمَلاً عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَا اُبْتُلِيَتْ بِالِاسْتِحَاضَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهَا بِزَمَانٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَكُونُ سِتًّا , أَوْ سَبْعًا فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَشَكَتْ أَنَّهُ كَانَ سِتًّا , أَوْ سَبْعًا فَأَمَرَهَا إنْ كَانَ سِتًّا أَنْ تَتْرُكَهُ سِتًّا وَإِنْ كَانَ سَبْعًا أَنْ تَتْرُكَهُ سَبْعًا وَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ فَشَكَتْ وَسَأَلَتْهُ عَنْ سِتٍّ فَقَالَ لَهَا سِتٌّ , أَوْ عَنْ سَبْعٍ فَقَالَ لَهَا سَبْعٌ وَقَالَ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ إنَّ النِّسَاءَ يَحِضْنَ كَمَا تَحِيضِينَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَوْلُ - صلى الله عليه وسلم - تَحَيَّضِي سِتًّا , أَوْ سَبْعًا فِي عِلْمِ اللَّهِ يَحْتَمِلُ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ سِتٌّ , أَوْ سَبْعٌ تَحِيضِينَ.
قال : وَهَذَا أَشْبَهُ مَعَانِيهِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.
قال : وَفِي حَدِيثِ { حَمْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا إنْ قَوِيت فَاجْمَعِي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَصَلِّي الصُّبْحَ بِغُسْلٍ ? وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إلَيْهِ لَهَا وَأَنَّهُ يَجْزِيهَا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْمَحِيضِ , ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْهَا بِغُسْلٍ بَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ رَوَى هَذَا أَحَدٌ أَنَّهُ أَمَرَ الْمُسْتَحَاضَةَ بِالْغُسْلِ سِوَى الْغُسْلِ الَّذِي تَخْرُجُ بِهِ مِنْ حُكْمِ الْحَيْضِ فَحَدِيثُ حَمْنَةَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ اخْتِيَارٌ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَجْزِي مِنْهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ رُوِيَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ حَدِيثٌ مُسْتَغْلِقٌ فَفِي إيضَاحِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ يُرْوَى فِي الْمُسْتَحَاضَةِ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْت قِيلَ لَهُ : نَعَمْ@

الصفحة 137