كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

الْوُضُوءَ وَلَمْ أَزْعُمْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي شَرِبَ وَلاَ الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَ فِيهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَكَانَ الْفِعْلُ مِنْ الشُّرْبِ فِيهَا مَعْصِيَةً , فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ يُنْهَى عَنْهَا وَلاَ يَحْرُمُ الْمَاءُ فِيهَا ؟ قِيلَ لَهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا نَهَى عَنْ الْفِعْلِ فِيهَا لاَ عَنْ تِبْرِهَا وَقَدْ فُرِضَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَتَمَوَّلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ كَانَتْ نَجِسًا لَمْ يَتَمَوَّلْهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَحِلَّ بَيْعُهَا وَلاَ شِرَاؤُهَا .
بَابُ الْمَاءِ يَشُكُّ فِيهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسَافِرًا وَكَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَظَنَّ أَنَّ النَّجَاسَةَ خَالَطَتْهُ فَتَنَجَّسَ وَلَمْ يَسْتَيْقِنْ فَالْمَاءُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَشْرَبَهُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ مُخَالَطَةَ النَّجَاسَةِ بِهِ , وَإِنْ اسْتَيْقَنَ النَّجَاسَةَ وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يُهْرِيقَهُ وَيُبَدِّلَهُ بِغَيْرِهِ فَشَكَّ أَفَعَلَ أَمْ لاَ فَهُوَ عَلَى النَّجَاسَةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ أَهْرَاقَهُ وَأَبْدَلَ غَيْرَهُ , وَإِذَا قَلَّتْ فِي الْمَاءِ فَهُوَ عَلَى النَّجَاسَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ , وَلَهُ إنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ أَنْ يَشْرَبَهُ ; لِأَنَّ فِي الشُّرْبِ ضَرُورَةَ خَوْفِ الْمَوْتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى التُّرَابَ طَهُورًا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَهَذَا غَيْرُ وَاجِدٍ مَاءً يَكُونُ طَهُورًا , وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُ مَاءَانِ اسْتَيْقَنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَجِسٌ وَالْآخَرَ لَمْ يَنْجُسْ فَأَهْرَاقَ النَّجِسَ مِنْهُمَا عَلَى الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ تَوَضَّأَ بِالْآخَرِ , وَإِنْ خَافَ الْعَطَشَ حَبَسَ الَّذِي الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ وَتَوَضَّأَ بِالطَّاهِرِ عِنْدَهُ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ اسْتَيْقَنَ النَّجَاسَةَ فِي شَيْءٍ فَكَيْفَ يَتَوَضَّأُ بِغَيْرِ يَقِينِ الطَّهَارَةِ ؟ قِيلَ لَهُ : إنَّهُ اسْتَيْقَنَ النَّجَاسَةَ فِي شَيْءٍ وَاسْتَيْقَنَ الطَّهَارَةَ فِي غَيْرِهِ فَلاَ نُفْسِدُ عَلَيْهِ الطَّهَارَةَ إلَّا بِيَقِينِ أَنَّهَا نَجِسَةٌ وَاَلَّذِي تَأَخَّى فَكَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَنَّهُ غَيْرُ نَجِسٍ عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ ; لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تَمْكُنُ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَيْقِنْ النَّجَاسَةَ ,@

الصفحة 31