كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

مُحَمَّدًا عَبْدُك , وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ , وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ , وَقِه عَذَابَ الْقَبْرِ , وَكُلَّ هَوْلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَابْعَثْهُ مِنْ الْآمِنِينَ , وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ , وَبَلِّغْهُ بِمَغْفِرَتِك , وَطَوْلِك دَرَجَاتِ الْمُحْسِنِينَ اللَّهُمَّ فَارَقَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيَا , وَالْأَهْلِ , وَغَيْرِهِمْ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ , وَانْقَطَعَ عَمَلُهُ , وَقَدْ جِئْنَاك شُفَعَاءَ لَهُ وَرَجَوْنَا لَهُ رَحْمَتَك , وَأَنْتَ أَرْأَفُ بِهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِك فَإِنَّهُ فَقِيرٌ إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ " . قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : سَمِعْنَا مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ خَلْفَهَا , وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا عِنْدَنَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ , وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : الْمَشْيُ خَلْفَهَا أَفْضَلُ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ إنَّمَا قَدُمَ النَّاسَ لِتَضَايُقِ الطَّرِيقِ حَتَّى كَأَنَّا لَمْ نَحْتَجَّ بِغَيْرِ مَا رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ : الْمَشْيُ خَلْفَهُ أَفْضَلُ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْجِنَازَةَ مَتْبُوعَةٌ , وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ , وَقَالَ : التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِهَا إذَا كَانَ خَلْفَهَا أَكْثَرُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْقَوْلُ فِي أَنَّ الْمَشْيَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مَشَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَامَهَا , وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْعَامَّةَ تَقْتَدِي بِهِمْ , وَتَفْعَلُ فِعْلَهُمْ , وَلَمْ يَكُونُوا مَعَ تَعْلِيمِهِ الْعَامَّةَ نَعْلَمُهُمْ يَدَّعُونَ مَوْضِعَ الْفَضْلِ فِي اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ , وَلَمْ نَكُنْ نَحْنُ نَعْرِفُ مَوْضِعَ الْفَضْلِ إلَّا بِفِعْلِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا شَيْئًا وَتَتَابَعُوا عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْفَضْلِ فِيهِ وَالْحُجَّةُ فِيهِ مِنْ مَشْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَثْبَتُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ مَعَهَا إلَى غَيْرِهَا , وَإِنْ كَانَ فِي اجْتِمَاعِ أَئِمَّةِ الْهُدَى بَعْدَهُ الْحُجَّةُ , وَلَمْ@

الصفحة 613