كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

عَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَرَأَى هَذَا حَمْلَهُ عَلَى كُلِّ صَلاَةٍ , وَلَمْ يَرَ النَّهْيَ إلَّا فِيمَا سُمِعَ.
قال: وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ إنَّمَا يَعْنِي بِهِ صَلاَةَ النَّافِلَةِ فَأَمَّا كُلُّ صَلاَةٍ كُرِهَتْ فَلاَ , وَأَثْبَتْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلاَةِ , وَلَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ صَلاَةٍ , وَكَانَتْ الصَّلاَةُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلاَةً لاَ تَحِلُّ إلَّا فِي وَقْتِ صَلاَةٍ مَا صُلِّيَ عَلَى مَيِّتِ الْعَصْرِ , وَلاَ الصُّبْحِ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ لاَ يَجْلِسَ مَنْ تَبِعَ الْجِنَازَةَ , وَلاَ يَتَفَرَّقَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَكْثُرَ الْمُصَلِّي عَلَيْهَا فَإِنَّ أَصْحَابَنَا يَتَحَرَّوْنَ بِالْجَنَائِزِ انْصِرَافَ النَّاسِ مِنْ الصَّلاَةِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ فَيَقُولُ: صَلُّوا مَعَ كَثْرَةِ النَّاسِ أَوْ أَخِّرُوا إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَلُّونَ لِلضُّحَى أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ لاَ أَحْفَظُهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَالشَّمْسُ مُصْفَرَّةٌ قَبْلَ الْمَغِيبِ قَلِيلاً وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِهِ مَغِيبَ الشَّمْسِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْرَهُ النِّيَاحَةَ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ , وَأَنْ تَنْدُبَهُ النَّائِحَةُ عَلَى الِانْفِرَادِ لَكِنْ يُعَزَّى بِمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الصَّبْرِ , وَالِاسْتِرْجَاعِ , وَأَكْرَهُ الْمَأْتَمَ , وَهِيَ الْجَمَاعَةُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ , وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مَعَ مَا مَضَى فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ (قُتِلَ): وَأُرَخِّصُ فِي الْبُكَاءِ بِلاَ أَنْ يَتَأَثَّرَ , وَلاَ أَنْ يَعُلْنَ إلَّا خَبَرًا , وَلاَ يَدْعُونَ بِحَرْبٍ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِذَا مَاتَ أَمْسَكْنَ.@

الصفحة 638