كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ مَنْ يُحَضِّرُ الْمَيِّتَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَتَوَلَّى أَرْفَقُهُمْ بِهِ إغْمَاضَ عَيْنَيْهِ بِأَسْهَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ , وَأَنْ يَشُدَّ تَحْتَ لَحْيَيْهِ عِصَابَةً عَرِيضَةً , وَتُرْبَطَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ كَيْ لاَ يَسْتَرْخِيَ لَحْيُهُ الْأَسْفَلُ فَيَنْفَتِحَ فُوهُ ثُمَّ يَجْسُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ , وَلاَ يَنْطَبِقَ , وَيَرُدَّ يَدَيْهِ حَتَّى يُلْصِقَهُمَا بِعَضُدَيْهِ ثُمَّ يَبْسُطَهُمَا ثُمَّ يَرُدَّهُمَا ثُمَّ يَبْسُطَهُمَا مَرَّاتٍ لِيَبْقَى لِينُهُمَا فَلاَ يَجْسُوَ , وَهُمَا إذَا لُيِّنَا عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ تَبَاقَى لِينُهُمَا إلَى وَقْتِ دَفْنِهِ فَفُكَّتَا , وَهُمَا لَيِّنَتَانِ , وَيُلَيِّنُ كَذَلِكَ أَصَابِعَهُ , وَيَرُدُّ رِجْلَيْهِ مِنْ بَاطِنٍ حَتَّى يُلْصِقَهُمَا بِبُطُونِ فَخِذَيْهِ كَمَا وَصَفْت فِيمَا يَصْنَعُ فِي يَدَيْهِ وَيَضَعُ عَلَى بَطْنِهِ شَيْئًا مِنْ طِينٍ أَوْ لَبِنَةٍ أَوْ حَدِيدَةٍ , سَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ , فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ التَّجْرِبَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ بَطْنَهُ أَنْ تَرْبُوَ , وَيُخْرِجُ مِنْ تَحْتِهِ الْوَطْءَ كُلَّهُ , وَيُفْضِي بِهِ إلَى لَوْحٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ سَرِيرِ أَلْوَاحٍ مُسْتَوٍ فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ التَّجْرِبَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُسْرِعُ انْتِفَاخُهُ عَلَى الْوَطْءِ , وَيَسْلُبُ ثِيَابًا إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ , وَيُسْجِي ثَوْبًا يُغَطِّي بِهِ جَمِيعَ جَسَدِهِ , وَيَجْعَلُ مِنْ تَحْتِ رِجْلِهِ وَرَأْسِهِ وَجَنْبَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ فَإِذَا أَحْضَرُوا لَهُ غَسْلَهُ , وَكَفَنَهُ , وَفَرَغُوا مِنْ جِهَازِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى يَدَيْهِ , وَفِي عَانَتِهِ شَعْرٌ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَ أَخْذَهُ عَنْهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَرْخَصَ فِيهِ , فَمَنْ أَرْخَصَ فِيهِ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَحْلِقَهُ بِالنُّورَةِ أَوْ يَجُزَّهُ بِالْجَلَمِ , وَيَأْخُذَ مِنْ شَارِبَيْهِ , وَيُقَلِّمَ مِنْ أَظْفَارِهِ , وَيَصْنَعَ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا كَانَ فِطْرَةً فِي الْحَيَاةِ , وَلاَ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلاَ لِحْيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤْخَذُ زِينَةً أَوْ نُسُكًا , وَمَا وَصَفْت مِمَّا يُؤْخَذُ فِطْرَةً فَإِنْ نَوَّرَهُ أَنْقَاهُ مِنْ نُورَةٍ , وَإِنْ لَمْ يُنَوِّرْهُ اتَّخَذَ قَبْلَ ذَلِكَ عِيدَانًا طِوَالاً مِنْ شَجَرٍ لَيِّنٍ لاَ يَجْرَحُ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ جَمِيعَ مَا تَحْتَ أَظْفَارِ يَدَيْهِ , وَرِجْلَيْهِ مِنْ الْوَسَخِ ثُمَّ أَفْضَى بِهِ إلَى مُغْتَسَلِهِ مَسْتُورًا , وَإِنْ غَسَلَهُ فِي قَمِيصٍ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ , وَأَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ سَخِيفًا رَقِيقًا أَحَبُّ إلَيَّ , وَإِنْ ضَاقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ أَقَلَّ مَا يَسْتُرُهُ بِهِ مَا يُوَارِي مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْعَوْرَةُ مِنْ الرَّجُلِ فِي الْحَيَاةِ , وَيَسْتُرُ الْبَيْتَ الَّذِي يُغَسِّلُهُ فِيهِ بِسَتْرٍ وَلاَ يَشْرَكُهُ فِي النَّظَرِ إلَى الْمَيِّتِ إلَّا مَنْ لاَ غِنَى لَهُ عَنْهُ مِمَّنْ يُمْسِكُهُ أَوْ يُقَلِّبُهُ @

الصفحة 640