كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَأَيْنَ الْخِلاَفُ بَيْنَهُمَا ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى : لاَ اخْتِلاَفَ مُخْتَلِفَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِمَا , وَبَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا وُجِدَ فِي اخْتِلاَفِهِمَا ؟ قِيلَ لَهُ : أَرَأَيْت الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَكَانَ لَهُ تَرْكُهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : لاَ قِيلَ : أَفَرَأَيْت النَّافِلَةَ , أَكَانَ لَهُ تَرْكُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ , قِيلَ : أَفَتَرَاهُمَا مُتَبَايِنَتَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ , قِيلَ : أَفَرَأَيْت الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ صَوْمٍ وَصَلاَةٍ لاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ لاَ يَنْوِي الصَّلاَةَ الَّتِي وَجَبَتْ بِعَيْنِهَا وَالصَّوْمَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : لاَ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيلَ لَهُ : أَفَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلاَةِ نَافِلَةٍ , وَصَوْمٍ لاَ يَنْوِي نَافِلَةً بِعَيْنِهَا , وَلاَ فَرْضًا أَفَتَكُونُ نَافِلَةً ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ قِيلَ لَهُ : وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ وَهُوَ مُطِيقٌ عَلَى الْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا , وَفِي السَّفَرِ رَاكِبًا أَيْنَ تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ يُومِئُ إيمَاءً ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ قِيلَ لَهُ : وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ ؟ فَإِنْ قَالَ : لاَ , قِيلَ : أَفَتَرَاهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ بَيْنَ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِمَا , وَمَعَ الدُّخُولِ , وَبَعْدَ الدُّخُولِ عِنْدَنَا وَعِنْدَك اسْتِدْلاَلاً بِالسُّنَّةِ , وَمَا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالِفًا فِيهِ . بَابُ الْخِلاَفِ فِيهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ , وَآخَرُ فِي هَذَا فَكَلَّمْت بَعْضَ النَّاسِ , وَكَلَّمَنِي بِبَعْضِ مَا حَكَيْت فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ , وَأَتَيْت عَلَى مَعَانِيهِ وَأَجَابَنِي بِجُمَلِ مَا قُلْت غَيْرَ أَنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي أَوْضَحْتُهَا حِينَ كَتَبْتُهَا بِأَكْثَرَ مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي كَانَ مِنِّي حِينَ كَلَّمْتُهُ فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَحْكِيَ إلَّا مَا قُلْت عَلَى وَجْهِهِ , وَإِنْ كُنْت لَمْ أَحْكِ إلَّا مَعْنَى مَا قُلْت لَهُ بَلْ تَحَرَّيْت أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مَا قُلْت لَهُ , وَأَنْ آتِيَ عَلَى مَا قَالَ , ثُمَّ كَلَّمَنِي فِيهَا هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّا سَأَحْكِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا قَالُوا , وَقُلْت : فَقَالَ لِي : قَدْ عَلِمْت أَنَّ فُقَهَاءَ الْمَكِّيِّينَ , وَغَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدَنِيِّينَ يَقُولُونَ@

الصفحة 648