كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)
أَبْدَلَهَا وَلاَ عَلِمْت فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ مَعْقُولاً إذَا لَمْ يُمَاسَّ الْمَاءَ نَجَاسَةٌ لاَ يَنْجُسُ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لاَ يَتَوَضَّأُ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا قِيلَ : لِمَا وَصَفْنَا وَإِنَّ عَلَى النَّاسِ تَعَبُّدًا فِي أَنْفُسِهِمْ بِالطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ تُمَاسَّ أَبْدَانَهُمْ وَلَيْسَ عَلَى ثَوْبٍ وَلاَ عَلَى أَرْضٍ تَعَبُّدٌ وَلاَ أَنْ يُمَاسَّهُ مَاءٌ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ .
بَابُ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ وَمُتَابَعَتِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ? فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ ?.
قال : وَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبَدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ قَالَ فَأَشْبَهَ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فِي الْوُضُوءِ شَيْئَانِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ عليه الصلاة والسلام بِهِ مِنْهُ وَيَأْتِي عَلَى إكْمَالِ مَا أُمِرَ بِهِ فَمَنْ بَدَأَ بِيَدِهِ قَبْلَ وَجْهِهِ أَوْ رَأْسِهِ قَبْلَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ قَبْلَ رَأْسِهِ كَانَ عَلَيْهِ عِنْدِي أَنْ يُعِيدَ حَتَّى يَغْسِلَ كُلًّا فِي مَوْضِعِهِ بَعْدَ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَبْلَ الَّذِي بَعْدَهُ لاَ يَجْزِيهِ عِنْدِي غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ صَلَّى أَعَادَ الصَّلاَةَ بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَمَسْحَ الرَّأْسِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ .
فَإِذَا نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ حَتَّى غَسَلَ رِجْلَيْهِ عَادَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا قُلْت يُعِيدُ كَمَا قُلْت وَقَالَ غَيْرِي فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ? إنَّ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ? فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّفَا وَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ أَعْلَمْ خِلاَفًا أَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ أَلْغَى طَوَافًا حَتَّى يَكُونَ بَدْؤُهُ بِالصَّفَا وَكَمَا قُلْنَا فِي الْجِمَارِ إنْ بَدَأَ بِالْآخِرَةِ قَبْلَ الْأُولَى أَعَادَ حَتَّى تَكُونَ بَعْدَهَا وَإِنْ بَدَأَ بِالطَّوَافِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَعَادَ فَكَانَ الْوُضُوءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَوْكَدَ مِنْ بَعْضِهِ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .@
الصفحة 65