كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

قَالَ : فَقُلْت لَهُ : هَلْ تَقْبَلُ مِنِّي أَنْ أُحَدِّثَك مُرْسَلاً كَثِيرًا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ , وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ , وَنُظَرَائِهِمَا وَمَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُمَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَطَاءٌ , وَابْنُ الْمُسَيِّبِ , وَعُرْوَةُ ؟ قَالَ : لاَ . قُلْت : فَكَيْفَ قَبِلْت عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلاً فِي شَيْءٍ وَلاَ تَقْبَلُهُ عَنْهُ , وَلاَ عَنْ مِثْلِهِ , وَلاَ أَكْبَرَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ غَيْرِهِ ؟ قَالَ فَقَالَ : فَلَعَلَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ . قُلْت : وَهَكَذَا يَقُولُ لَك مَنْ أَخَذَ بِمُرْسَلِهِ فِي غَيْرِ هَذَا , وَمُرْسَلِ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ فَيَقُولُ كُلَّمَا غَابَ عَنِّي مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يَحْمِلَهُ عَنْ ثِقَةٍ أَوْ عَنْ مَجْهُولٍ لَمْ تَقُمْ عَلَيَّ بِهِ حُجَّةٌ حَتَّى أَعْرِفَ مَنْ حَمَلَهُ عَنْهُ بِالثِّقَةِ فَأَقْبَلَهُ أَوْ أَجْهَلَهُ فَلاَ أَقْبَلَهُ , قُلْت : وَلِمَ ؟ إلَّا أَنَّك إنَّمَا أَنْزَلْتَهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَاتِ , وَلاَ تَأْمَنُ أَنْ يَشْهَدَ لَك شَاهِدَانِ عَلَى مَا لَمْ يَرَيَا , وَلَمْ يُسَمِّيَا مَنْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَتِهِ ؟ قَالَ : أَجَلْ , وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْحَدِيثِ كُلِّهِ قَالَ : فَقُلْت لَهُ : وَقَدْ كَلَّمَنِي فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ كَلاَمَ مَنْ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ , وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ , وَفِيهِ شَيْءٌ يُخَالِفُهُ , وَلَمْ نَعْرِفْ ثِقَةً ثَبْتًا يُخَالِفُهُ , وَهُوَ أَوْلَى أَنْ تَصِيرَ إلَيْهِ مِنْهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : فَكَانَ ذَاهِبًا عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ ؟ قُلْت : نَعَمْ , أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْت عَنْ حَفْصَةَ , وَعَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : فَقُلْت لَهُ أَسَمِعْتَهُ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ؟ قَالَ : لاَ , إنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ رَجُلٌ بِبَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَوْ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْت لَهُ : أَفَرَأَيْت لَوْ كُنْت تَرَى الْحُجَّةَ تَقُومُ بِالْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ ثُمَّ عَلِمْت أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ فِي الْحَدِيثِ مَا حَكَيْت لَك أَتَقْبَلُهُ ؟ قَالَ : لاَ هَذَا يُوهِنُهُ بِأَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ قَبِلَهُ عَنْ رَجُلٍ لاَ يُسَمِّيهِ وَلَوْ عَرَفَهُ لَسَمَّاهُ أَوْ وَثَّقَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ : أَفَلَيْسَ يَقْبُحُ أَنْ يَدْخُلَ رَجُلٌ فِي صَلاَتِهِ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ , وَفِي صَوْمٍ فَيَخْرُجَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمٍ أَوْ فِي طَوَافٍ فَيَخْرُجَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ سَبْعًا ؟ فَقُلْت لَهُ : وَقَدْ صِرْت إذْ لَمْ تَجِدْ حُجَّةً فِيمَا كُنْت تَحْتَجُّ بِهِ إلَى أَنْ تَكَلَّمَ كَلاَمَ أَهْلِ الْهَالَةِ قَالَ : الَّذِي قُلْت أَحْسَنُ . قُلْت : أَتَقُولُ أَنْ يُكْمِلَ الرَّجُلُ@

الصفحة 650