كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 2)

مُطَرِّفٍ قَالَ : أَتَيْت بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ , وَالسُّجُودَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْت : إنَّك شَيْخٌ وَإِنَّك لاَ تَدْرِي عَلَى شَفْعٍ انْصَرَفْت أَمْ عَلَى وِتْرٍ فَقَالَ : إنَّك قَدْ كُفِيت حِفْظَهُ وَإِنِّي لاََرْجُو أَنِّي لاَ أَسْجُدُ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَنِي اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً أَوْ كَتَبَ لِي بِهَا حَسَنَةً أَوْ جَمَعَ لِي كِلْتَيْهِمَا , قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّيْخُ الَّذِي صَلَّى , وَقَالَ الْمَقَالَةَ أَبُو ذَرٍّ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَوْلُ أَبِي ذَرٍّ " لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي " , وَقَوْلُهُ " قَدْ كُفِيت حِفْظَهُ " يَعْنِي عَلِمَ اللَّهُ بِهِ , وَيَتَوَسَّعُ , وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لاَ يَتَّسِعُ فِي الْفَرْضِ إلَّا أَنْ يَنْصَرِفَ عَلَى عَدَدٍ لاَ يُزِيدُ فِيهِ , وَلاَ يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا , وَقَدْ تَوَسَّعَ أَبُو ذَرٍّ فِيهِ فِي التَّطَوُّعِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقُلْت مَذْهَبُك فِيمَا يَظْهَرُ اتِّبَاعُ الْوَاحِدِ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ مِنْ رِوَايَتِك , وَرِوَايَةِ أَصْحَابِك الثَّابِتَةِ عِنْدَهُمْ مَا وُصِفَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَأَبِي ذَرٍّ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي لاَ يَدْفَعُ عَالِمٌ أَنَّهَا غَايَةٌ فِي الثَّبْتِ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَنَحْنُ وَأَنْتَ نُثْبِتُ رِوَايَتَنَا عَنْ جَابِرِ بِنَّ عَبِدِ اللَّهِ وَيَرْوِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَدَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا دَلاَلَةٌ مِنْ سُنَّةٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْآثَارُ , وَأَيًّا كَانَ لَمْ يَكُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِك أَنْ نَقُولَ قَوْلَنَا فِيهِ وَأَنْتَ تَرْوِي عَنْ عُمَرَ إذَا أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ , وَنَقُولُ وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا , وَجَبَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ عُمَرَ فَتُرَدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَتَأَوَّلَ حُجَّةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { , وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } , وَلِقَوْلِهِ { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } قَالُوا إنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ الْمَهْرَ , وَالْعِدَّةَ فِي الطَّلاَقِ بِالْمَسِيسِ فَقُلْت : لاَ تُنَازِعْ عُمَرَ , وَلاَ تَتَأَوَّلْ مَعَهُ بَلْ تَتَّبِعُهُ ,@

الصفحة 658