كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
فَيَنْسَى مَوْضِعَهُ لاَ يَخْتَلِفُ فِي شَيْءٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ عَنْهُ فِي تِجَارَةٍ يَقْدِرُ وَكِيلٌ لَهُ عَلَى قَبْضِهِ حَيْثُ هُوَ , قُوِّمَ حَيْثُ هُوَ وَأُدِّيَتْ زَكَاتُهُ وَلاَ يَسَعُهُ إلَّا ذَلِكَ وَهَكَذَا الْمَالُ الْمَدْفُونُ وَالدَّيْنُ , وَكُلَّمَا قُلْت لاَ يَسَعُهُ إلَّا تَأْدِيَةُ زَكَاتِهِ بِحَوْلِهِ وَإِمْكَانِهِ لَهُ , فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ وَبَعْدَ الْحَوْلِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهَكَذَا كُلُّ مَالٍ لَهُ يَعْرِفُ مَوْضِعَهُ وَلاَ يَدْفَعُ عَنْهُ فَكُلَّمَا قُلْت لَهُ يُزَكِّيهِ فَلاَ يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَهَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهُ قَبْضُهُ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى مِنْ زَكَاتِهِ ; لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ غَصَبَ مَالاً فَأَقَامَ فِي يَدَيْ الْغَاصِبِ زَمَانًا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَهُ , أَوْ غَرِقَ لَهُ مَالٌ فَأَقَامَ فِي الْبَحْرِ زَمَانًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ , أَوْ دُفِنَ مَالٌ فَضَلَّ مَوْضِعَهُ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ هُوَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ لِمَا مَضَى وَلاَ إذَا قَبَضَهُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ بِلاَ طَاعَةٍ مِنْهُ كَطَاعَتِهِ فِي السَّلَفِ وَالتِّجَارَةِ وَالدَّيْنِ , أَوْ يَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ إنْ سَلِمَ ; لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ لِمَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ السِّنِينَ . ( قَالَ الرَّبِيعُ ) : الْقَوْلُ الْآخَرُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي ; لِأَنَّ مَنْ غُصِبَ مَالُهُ , أَوْ غَرِقَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ , هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ أَصْلُهُ مَضْمُونٌ , أَوْ أَمَانَةٌ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ , أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ الْأَخْذُ . ( قَالَ الرَّبِيعُ ) : فَإِذَا أَخَذَهُ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ السِّنِينَ , هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ هَلَكَ مِنْهُ مَالٌ فَالْتَقَطَهُ مِنْهُ رَجُلٌ , أَوْ لَمْ يَدْرِ اُلْتُقِطَ , أَوْ لَمْ يُلْتَقَطْ , فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هَذَا وَيَجُوزُ أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ بِحَالٍ ; لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَمْلِكُهُ بَعْدَ سَنَةٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَيْهِ إنْ جَاءَهُ , وَيُخَالِفُ الْبَابَ قَبْلَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى .@
الصفحة 134