كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَاهَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا , فَإِنْ قَطَعَاهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا , فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا , وَإِنْ تَرَكَاهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ; فَفِيهَا الزَّكَاةُ , فَإِنْ أَخَذَهُمَا رَبُّ الْحَائِطِ بِقَطْعِهَا فَسَخْنَا الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِيهَا فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ فَيَمْنَعَ الزَّكَاةَ وَهِيَ حَقٌّ لِأَهْلِهَا وَلاَ أَنْ تُؤْخَذَ بِحَالِهَا تِلْكَ وَلَيْسَتْ الْحَالَ الَّتِي أَخَذَهَا فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ثَمَرَةٌ فِي نَخْلَةٍ وَقَدْ شَرَطَ قَطْعَهَا وَلاَ يَكُونُ فِي هَذَا الْبَيْعِ إلَّا فَسْخُهُ , لَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا حَتَّى تُجَدَّ فِي نَخْلَةٍ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِيَانِ لَمْ يَرْجِعَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْعُشْرِ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَقْبَضَهُمَا جَمِيعَ مَا بَاعَهُمَا مِنْ الثَّمَرَةِ وَلاَ عُشْرَ فِيهِ , وَعَلَيْهِمَا أَنْ يُزَكِّيَا بِمَا وَجَبَ مِنْ الْعُشْرِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِيَانِ حَتَّى بَدَا صَلاَحُهَا فَرَضِيَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا وَلَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِيَانِ كَانَ فِيهَا قَوْلاَنِ ( أَحَدُهُمَا ) : أَنْ يُجْبَرَا عَلَى تَرْكِهَا وَلاَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِمَا وَجَبَ فِيهَا مِنْ الصَّدَقَةِ ( وَالثَّانِي ) : أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُمَا شَرَطَا الْقَطْعَ ثُمَّ صَارَتْ لاَ يَجُوزُ قَطْعُهَا بِمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الصَّدَقَةِ فِيهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْ رَضِيَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ إقْرَارَهَا وَالْبَائِعُ وَلَمْ يَرْضَهُ الْآخَرُ جُبِرَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى إقْرَارِهَا وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُفْسَخُ نَصِيبُ الَّذِي لَمْ يَرْضَ وَيُقَرُّ نَصِيبُ الَّذِي رَضِيَ وَكَانَ كَرَجُلٍ اشْتَرَى نِصْفَ الثَّمَرَةِ وَإِذَا رَضِيَ إقْرَارَهَا ثُمَّ أَرَادَ قَطْعَهَا قَبْلَ الْجِدَادِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطْعُهَا كُلِّهَا , وَلاَ فَسْخَ لِلْبَيْعِ إذَا تَرَكَ رَدَّهُ مَرَّةً لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَهَا , وَكُلُّ هَذَا إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ مُشَاعًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَائِطٌ فِي ثَمَرِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَبَاعَ رَجُلاً مِنْهُ نَخَلاَتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ وَآخَرُ نَخَلاَتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ بَعْدَمَا يَبْدُو صَلاَحُهُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ , وَإِنْ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَاهَا فَقَطَعَا مِنْهَا شَيْئًا وَتَرَكَا شَيْئًا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ , فَإِنْ كَانَ فِيمَا يَبْقَى خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ فِيهِ كَمَا وَصَفْت فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَرَةِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ لاَ يُفْسَخُ وَيُؤْخَذُ بِأَنْ يَقْطَعَهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا لَهُمَا ,@

الصفحة 141