كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
صَدَقَةَ الْوَاحِدِ إذَا كَانَتْ فِي جَمِيعِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ ; لِأَنَّ أَوَّلَ مَحَلِّ الصَّدَقَةِ أَنْ يُرَى الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ فِي الْحَائِطِ , خُرِصَ الْحَائِطُ , أَوْ لَمْ يُخْرَصْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ جَعَلْت صَدَقَةَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ اللَّذَيْنِ يُخْرَصَانِ أَوَّلاً وَآخِرًا دُونَ الْمَاشِيَةِ وَالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ , وَإِنَّمَا أَوَّلُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ عِنْدَك وَآخِرُهُ الْحَوْلُ دُونَ الْمُصَدَّقِ ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى : لَمَّا خُرِصَتْ الثِّمَارُ مِنْ الْأَعْنَابِ وَالنَّخْلِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ طَابَتْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَخْرُصُهَا وَلاَ زَكَاةَ لَهُ فِيهَا , وَلَمَّا قَبَضَهَا تَمْرًا وَزَبِيبًا عَلِمْنَا أَنَّ آخِرَ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِنْهَا أَنْ تَصِيرَ تَمْرًا , أَوْ زَبِيبًا عَلَى الْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ , فَإِنْ قَالَ : مَا يُشْبِهُ هَذَا ؟ قِيلَ : الْحَجُّ لَهُ أَوَّلٌ وَآخَرَانِ , فَأَوَّلُ آخريه رَمْيُ الْجَمَرَاتِ وَالْحَلْقُ , وَآخِرُ آخريه زِيَارَةُ الْبَيْتِ بَعْدَ الْجَمْرَةِ وَالْحَلْقِ , وَلَيْسَ هَكَذَا الْعُمْرَةُ وَلاَ الصَّوْمُ وَلاَ الصَّلاَةُ كُلُّهَا لَهَا أَوَّلٌ وَآخِرٌ وَاحِدٌ وَكُلٌّ كَمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْ اقْتَسَمُوا وَلَمْ تُرَ فِيهِ صُفْرَةٌ وَلاَ حُمْرَةٌ ثُمَّ لَمْ يَقْتَرِعُوا عَلَيْهِ حَتَّى يُعْلَمَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ , أَوْ لَمْ يَتَرَاضَوْا حَتَّى يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ حَتَّى يُرَى فِيهِ صُفْرَةٌ , أَوْ حُمْرَةٌ كَانَتْ فِيهِ صَدَقَةُ الْوَاحِدِ ; لِأَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَتِمَّ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِيهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْقَوْلُ قَوْلُ أَرْبَابِ الْمَالِ فِي أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا قَبْلَ أَنْ يُرَى فِيهِ صُفْرَةٌ , أَوْ حُمْرَةٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ فِيهِ بَيِّنَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَاقْتَسَمَهُ اثْنَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : اقْتَسَمْنَاهُ قَبْلَ أَنْ تُرَى فِيهِ حُمْرَةٌ , أَوْ صُفْرَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ : بَعْدَمَا رُئِيَتْ فِيهِ أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ مِنْ نَصِيبِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهُ بَعْدَمَا حَلَّتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ بِقَدْرِ مَا يَلْزَمُهُ وَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْ نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْ اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ دُونَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ @
الصفحة 143