كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
صَلاَحُهَا كَانَ الْقَسْمُ فَاسِدًا وَكَانُوا فِيهِ عَلَى الْمِلْكِ الْأَوَّلِ.
قال : لَوْ اقْتَسَمَاهُ بَعْدَمَا يَبْدُو صَلاَحُهُ كَانَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا يَكُونُ عَلَى الْوَاحِدِ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا وَرِثَ الرَّجُلُ حَائِطًا فَأَثْمَرَ , أَوْ أَثْمَرَ حَائِطُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِالْمِيرَاثِ أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ , وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَ مَاشِيَةً , أَوْ ذَهَبًا , أَوْ وَرِقًا فَلَمْ يَعْلَمْ , أَوْ عَلِمَ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ , أُخِذَتْ صَدَقَتُهَا ; لِأَنَّهَا فِي مِلْكِهِ وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ , وَكَذَلِكَ مَا مَلَكَ بِلاَ عِلْمِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلاَمِ وَهَرَبَ , أَوْ جُنَّ , أَوْ عَتِهَ , أَوْ حُبِسَ لِيُسْتَتَابَ , أَوْ يُقْتَلَ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا : أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ ; لِأَنَّ مَالَهُ لاَ يَعْدُو أَنْ يَمُوتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَيَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَا كَانَ لَهُمْ فَفِيهِ الزَّكَاةُ , أَوْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلاَمِ فَيَكُونَ لَهُ فَلاَ تُسْقِطُ الرِّدَّةُ عَنْهُ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ , وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهَا زَكَاةٌ حَتَّى يُنْظَرَ , فَإِنْ أَسْلَمَ تَمَلَّكَ مَالَهُ وَأُخِذَتْ زَكَاتُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ , وَإِنْ لَمْ يُؤْجَرْ عَلَيْهَا , وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ ; لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ مَغْنُومٌ , فَإِذَا صَارَ لِإِنْسَانٍ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ كَالْفَائِدَةِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلاً ثُمَّ يُزَكِّيهِ , لَوْ أَقَامَ فِي رِدَّتِهِ زَمَانًا كَانَ كَمَا وَصَفْت , إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلاَمِ أُخِذَتْ مِنْهُ صَدَقَةُ مَالِهِ , وَلَيْسَ كَالذِّمِّيِّ الْمَمْنُوعِ الْمَالِ بِالْجِزْيَةِ وَلاَ الْمُجَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ الَّذِي لَمْ تَجِبْ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ قَطُّ , أَلاَ تَرَى أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْإِسْلاَمِ , فَإِنْ امْتَنَعَ قَتَلْنَاهُ وَأَنَّا نَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي حُقُوقِ النَّاسِ بِأَنْ نُلْزِمَهُ , فَإِنْ قَالَ : فَهُوَ لاَ يُؤْجَرُ عَلَى الزَّكَاةِ , قِيلَ : وَلاَ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا وَلاَ غَيْرِهَا مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ الَّتِي تَلْزَمُهُ وَيَحْبِطُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيمَا أَدَّى مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ , وَكَذَلِكَ لاَ يُؤْجَرُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ مِنْهُ فَهُوَ يُؤْخَذُ .
بَابُ تَرْكِ التَّعَدِّي عَلَى النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ : " مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه بِغَنَمٍ مِنْ الصَّدَقَةِ فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلاً ذَاتَ ضَرْعٍ " فَقَالَ عُمَرُ : " مَا هَذِهِ الشَّاةُ ؟ " فَقَالُوا : شَاةٌ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عُمَرُ : " مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ لاَ تَفْتِنُوا النَّاسَ لاَ تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ نَكِّبُوا عَنْ الطَّعَامِ " .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى تَوَهَّمَ عُمَرُ أَنَّ أَهْلَهَا لَمْ يَتَطَوَّعُوا بِهَا وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِمْ فِي الصَّدَقَاتِ ذَاتَ دَرٍّ فَقَالَ هَذَا , لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُصَدِّقَ جَبَرَ أَهْلَهَا عَلَى أَخْذِهَا لَرَدَّهَا @
الصفحة 144