كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

الْهَدِيَّةُ لَهُ إلَّا بِسَبَبِ السُّلْطَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ إذَا كَانَتْ بِسَبَبِ الْوِلاَيَةِ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ كَمَا يَكُونُ مَا تَطَوَّعَ بِهِ أَهْلُ الْأَمْوَالِ مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ لاَ لِوَالِي الصَّدَقَاتِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا أَهْدَى وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ لِلْوَالِي هَدِيَّةً , فَإِنْ كَانَتْ لِشَيْءٍ يَنَالُ بِهِ مِنْهُ حَقًّا , أَوْ بَاطِلاً , أَوْ لِشَيْءٍ يُنَالُ مِنْهُ حَقٌّ , أَوْ بَاطِلٌ , فَحَرَامٌ عَلَى الْوَالِي أَنْ يَأْخُذَهَا ; لِأَنَّ حَرَامًا عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْجِلَ عَلَى أَخْذِهِ الْحَقَّ لِمَنْ وَلِيَ أَمْرَهُ , وَقَدْ أَلْزَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْذَ الْحَقِّ لَهُمْ وَحَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُمْ بَاطِلاً وَالْجُعْلُ عَلَيْهِ أَحْرَمُ , وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَخَذَ مِنْهُ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْهُ مَا كَرِهَ , أَمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ بِالْهَدِيَّةِ حَقًّا لَزِمَهُ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ دَفْعُ الْحَقِّ إذَا لَزِمَهُ , وَأَمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ بَاطِلاً فَحَرَامٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ بِكُلِّ حَالٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ أَهْدَى لَهُ مِنْ غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ وِلاَيَتِهِ فَكَانَتْ تَفَضُّلاً عَلَيْهِ , أَوْ شُكْرَ الْحُسْنِ فِي الْمُعَامَلَةِ فَلاَ يَقْبَلُهَا , وَإِنْ قَبِلَهَا كَانَتْ فِي الصَّدَقَاتِ , لاَ يَسَعُهُ عِنْدِي غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يُكَافِئَهُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهَا فَيَسَعُهُ أَنْ يَتَمَوَّلَهَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ كَانَ مِنْ رَجُلٍ لاَ سُلْطَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِالْبَلَدِ الَّذِي لَهُ بِهِ سُلْطَانٌ شُكْرًا عَلَى حُسْنِ مَا كَانَ مِنْهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْعَلَهَا لِأَهْلِ الْوِلاَيَةِ إنْ قَبِلَهَا , أَوْ يَدَعَ قَبُولَهَا فَلاَ يَأْخُذَ عَلَى الْحُسْنِ مُكَافَأَةً , وَإِنْ قَبِلَهَا فَتَمَوَّلَهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ عِنْدِي , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ عَنْ شَيْخٍ ثِقَةٍ سَمَّاهُ لاَ يَحْضُرُنِي ذِكْرُ اسْمِهِ أَنَّ رَجُلاً وَلِيَ عَدَنَ فَأَحْسَنَ فِيهَا فَبَعَثَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأَعَاجِمِ بِهَدِيَّةٍ حَمْدًا لَهُ عَلَى إحْسَانِهِ فَكَتَبَ فِيهَا إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَحْسَبُهُ قَالَ قَوْلاً مَعْنَاهُ : تُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ . أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ@

الصفحة 150