كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
الصَّدَاقَ شَيْءٌ تَمَلَّكَتْهُ عَلَى الْكَمَالِ , فَإِنْ مَاتَتْ , أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ , أَوْ دَخَلَ بِهَا , كَانَ لَهَا بِالْكَمَالِ , وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجَعَ إلَيْهَا بِنِصْفِهِ , وَالْإِجَارَاتُ لاَ يُمْلَكُ مِنْهَا شَيْءٌ بِكَمَالِهِ إلَّا بِسَلاَمَةِ مَنْفَعَةِ مَا يَسْتَأْجِرُهُ مُدَّةً فَيَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فَلَمْ نُجِزْ إلَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِمَا وَصَفْت .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمِلْكُ الرَّجُلِ نِصْفَ الْمَهْرِ بِالطَّلاَقِ يُشْبِهُ مِلْكَهُ الشُّفْعَةَ تَكُونُ مِلْكًا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْ يَدَيْهِ.
قال : وَكِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدُ يُخَارِجُ وَالْأَمَةُ فَلاَ يُشْبِهُ هَذَا هَذَا لاَ يَكُونُ عَلَيْهِ وَلاَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ , وَإِنْ ضَمِنَهُ مُكَاتَبُهُ , أَوْ عَبْدُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ السَّيِّدُ وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَيْنٍ لاَزِمٍ لِلْمُكَاتَبِ وَلاَ الْعَبْدِ وَلاَ الْأَمَةِ , فَلَيْسَ يَتِمُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِحَالٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَمَا كَانَ فِي ذِمَّةِ حُرٍّ فَمِلْكُهُ قَائِمٌ عَلَيْهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَكَذَا كُلُّ مَا مَلَكَ مِمَّا فِي أَصْلِهِ صَدَقَةٌ تِبْرٌ , أَوْ فِضَّةٌ , أَوْ غَنَمٌ , أَوْ بَقَرٌ , أَوْ إبِلٌ . فَأَمَّا مَا مَلَكَ مِنْ طَعَامٍ , أَوْ تَمْرٍ , أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ , إنَّمَا الزَّكَاةُ فِيمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ بِأَنْ تَكُونَ أَخْرَجَتْهُ , هُوَ يَمْلِكُ مَا أَخْرَجَتْ فَيَكُونُ فِيهِ حَقٌّ يَوْمَ حَصَادِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ فَأُدِّيَتْ زَكَاتُهُ ثُمَّ حَبَسَهُ صَاحِبُهُ سِنِينَ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ ; لِأَنَّ زَكَاتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِأَنْ تُخْرِجَهُ الْأَرْضُ لَهُ يَوْمَ تُخْرِجُهُ , فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لِتِجَارَةٍ , فَأَمَّا إنْ نَوَيْت بِهِ التِّجَارَةَ , هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِهِ بِغَيْرِ شِرَاءٍ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِذَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْعَدُوِّ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَجُمِعَتْ غَنَائِمُهُمْ فَحَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ , فَقَدْ أَسَاءَ الْوَالِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ , وَلاَ زَكَاةَ فِي فِضَّةٍ مِنْهَا وَلاَ ذَهَبٍ وَلاَ مَاشِيَةٍ حَتَّى تُقْسَمَ , يَسْتَقْبِلُ بِهَا بَعْدَ الْقَسْمِ حَوْلاً ; لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لاَ تَكُونُ مِلْكًا لِوَاحِدٍ دُونَ صَاحِبِهِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ مَلَكُوهُ بِشِرَاءٍ وَلاَ مِيرَاثٍ فَأَقَرُّوهُ رَاضِينَ فِيهِ بِالشَّرِكَةِ , وَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَهُ قَسْمَهُ إلَى أَنْ يُمْكِنَهُ وَلِأَنَّ فِيهَا خُمُسًا مِنْ جَمِيعِهَا قَدْ يَصِيرُ فِي الْقَسْمِ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَلَيْسَ مِنْهَا مَمْلُوكٌ لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ بِحَالٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْ قُسِمَتْ فَجُمِعَتْ سِهَامُ مِائَةٍ فِي شَيْءٍ بِرِضَاهُمْ وَكَانَ @
الصفحة 160