كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا اسْتَسْلَفَ الْوَالِي مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا مِنْ الصَّدَقَةِ , أَوْ مَالٍ لِرَجُلٍ غَيْرَ صَدَقَةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ تُقَسَّمُ صَدَقَاتُهُمْ عَلَى مَنْ اسْتَسْلَفَ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ مِنْ سُهْمَانِ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ مِثْلَ مَا أَخَذَ لَهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ اسْتَسْلَفَ لَهُمْ فَهَلَكَ السَّلَفُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِمْ , وَقَدْ فَرَّطَ , أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُمْ فِي مَالِهِ وَلَيْسَ كَوَالِي الْيَتِيمِ الَّذِي يَأْخُذُ لَهُ فِيمَا لاَ صَلاَحَ لَهُ إلَّا بِهِ ; لِأَنَّ أَهْلَ السُّهْمَانِ قَدْ يَكُونُونَ أَهْلَ رُشْدٍ مِثْلَهُ وَأَرْشَدَ , وَلاَ يَكُونُونَ أَهْلَ رُشْدٍ , وَيَكُونُ لَهُمْ وُلاَةٌ دُونَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَسْتَسْلِفَ لَهُمْ ; لِأَنَّهُ تَعْجِيلُ حَقٍّ لَهُمْ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَتَعْجِيلُ الْحَقِّ زِيَادَةٌ لَهُمْ بِكُلِّ حَالٍ.
قال : وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَسْلِفَ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ ثُمَّ يَقْضِيه مِنْ حَقِّ مَنْ اسْتَسْلَفَ لَهُ دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ
( قَالَ ) : فَإِنْ اسْتَسْلَفَ , وَالٍ لِرَجُلٍ , أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ بَعِيرًا , أَوْ اثْنَيْنِ فَدَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا فَأَتْلَفَاهُ وَمَاتَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ مَا اسْتَسْلَفَ لَهُمَا مِنْ أَمْوَالِهِمَا لِأَهْلِ السُّهْمَانِ ; لِأَنَّهُمَا لَمَّا لَمْ يَبْلُغَا الْحَوْلَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُمَا فِي صَدَقَةٍ حَلَّتْ فِي حَوْلٍ لَمْ يَبْلُغَاهُ , وَلَوْ مَاتَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ كَانَا قَدْ اسْتَوْجَبَا الصَّدَقَةَ بِالْحَوْلِ , وَإِنْ أَبْطَأَ بِهَا عَنْهُمَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ مَاتَا مُعْدَمَيْنِ ضَمِنَ الْوَالِي مَا اسْتَسْلَفَ لَهُمَا فِي مَالِهِ.
قال : وَلَوْ لَمْ يَمُوتَا وَلَكِنَّهُمَا أَيْسَرَا قَبْلَ الْحَوْلِ , فَإِنْ كَانَ يُسْرُهُمَا بِمَا دَفَعَ إلَيْهِمَا مِنْ الصَّدَقَةِ فَإِنَّمَا أَخَذَا حَقَّهُمَا وَبُورِكَ لَهُمَا فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا شَيْءٌ , وَإِنْ كَانَ يُسْرُهُمَا مِنْ غَيْرِ مَا أَخَذَا مِنْ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَخَذَ مِنْهُمَا مَا أَخَذَا مِنْ الصَّدَقَةِ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ قَدْ أَحَاطَ أَنَّ الْحَوْلَ لَمْ يَأْتِ إلَّا وَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ , فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَعْطَاهُمَا مَا لَيْسَ لَهُمَا وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمَا نَمَاؤُهُ ; لِأَنَّهُمَا مَلَكَاهُ فَحَدَثَ النَّمَاءُ فِي مِلْكِهِمَا , وَإِنْ نَقَصَ مَا أَعْطَيَا مِنْ الصَّدَقَةِ أَخَذَهُ رَبُّهُ نَاقِصًا وَأَعْطَى أَهْلَ السُّهْمَانِ تَامًّا , وَلاَ @

الصفحة 52