كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
ضَمَانَ عَلَى الْمُعْطَى ; لِأَنَّهُ أُعْطِيَهُ مُمَلَّكًا لَهُ.
قال : وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : لَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْهُ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ غُرْمُهُ , أَوْ عَلَى الْمُصَدِّقِ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ كَانَ يَجِدُ مَذْهَبًا , وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْأَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ; لِأَنَّهُ أُعْطِيَهُ مُمَلَّكًا لَهُ عَلَى مَعْنًى فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ , وَإِنْ مَاتَا قَبْلَ الْحَوْلِ , وَقَدْ أَيْسَرَا ضَمِنَ الْوَالِي مَا اسْتَسْلَفَ لَهُمَا.
قال : وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ أَيُّ أَصْنَافِ الصَّدَقَةِ اسْتَسْلَفَ
( قَالَ ) : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْوَالِي اسْتَسْلَفَ مِنْ الصَّدَقَةِ شَيْئًا وَلَكِنَّ رَبَّ الْمَالِ تَطَوَّعَ وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ , أَوْ أَرْبَعُونَ شَاةً قَبْلَ الْحَوْلِ فَأَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَوَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا ; لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ مَالِهِ مُتَطَوِّعًا بِغَيْرِ ثَوَابٍ وَمَضَى عَطَاؤُهُ بِالْقَبْضِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَعْطَاهَا رَجُلاً فَلَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي وَفِي يَدَيْ رَبِّ الْمَالِ مَالٌ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ لِتَطَوُّعِهِ بِإِعْطَائِهِ إيَّاهُ , وَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ وَلاَ شَيْءَ فِي يَدِهِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ , وَمَا أَعْطَى كَمَا تَصَدَّقَ بِهِ , أَوْ أَنْفَقَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ لَمْ يَحُلْ الْحَوْلُ حَتَّى أَيْسَرَ الَّذِي أَعْطَاهُ زَكَاةَ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ , فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى زَكَاتَهُ ; لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَنْ لاَ يَسْتَوْجِبُهُ يَوْمَ تَحِلُّ الزَّكَاةُ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ يَوْمَ تَحِلُّ أَنْ يُعْطِيَهَا قَوْمًا بِصِفَةٍ , فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ وَاَلَّذِي عَجَّلَهُ إيَّاهَا مِمَّنْ لاَ يَدْخُلُ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ مِنْ الزَّكَاةِ , وَهَذَا يُعْطِيهَا قَوْمًا بِصِفَةٍ , فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ وَاَلَّذِي عَجَّلَهُ إيَّاهَا مِمَّنْ لاَ يَدْخُلُ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ مِنْ الزَّكَاةِ , وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ فَيُعَجِّلُهُ إيَّاهُ , وَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ , وَهُوَ مُوسِرٌ بِمَا أَعْطَاهُ لاَ بِغَيْرِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ مِنْ زَكَاتِهِ
( قَالَ ) : وَلَوْ مَاتَ الَّذِي عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ قَامَ وَرَثَتُهُ فِيمَا عَجَّلَ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مَقَامَهُ فَأَجْزَأَ عَمَّا وَرِثُوا مِنْ مَالِهِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا أَجْزَأَ عَنْهُ وَلَمْ يُجْزِ عَنْهُمْ مَا لَمْ يُجْزِ عَنْهُ
( قَالَ ) : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ : إنْ أَفَدْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ زَكَاتُهَا , أَوْ شَاةً فَقَالَ إنْ : أَفَدْت أَرْبَعِينَ شَاةً فَهَذِهِ صَدَقَتُهَا وَدَفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا ثُمَّ أَفَادَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ , أَوْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ @
الصفحة 53