كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
وَلَيْسَ فِي التَّرَاجِمِ وَتَرْجَمَ فِيهِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَصْلُ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ الْبَهَائِمِ وَالدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ شَيْئَانِ , ثُمَّ يَتَفَرَّقَانِ فَيَكُونُ مِنْهَا شَيْءٌ مُحَرَّمٌ نَصًّا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَيْءٌ مُحَرَّمٌ فِي جُمْلَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَارِجٌ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَمِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} وَيَقُولُ {أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ} فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} فَأَهْلُ التَّفْسِيرِ أَوْ مَنْ سَمِعْت مِنْهُ مِنْهُمْ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا} يَعْنِي مِمَّا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ وَتُحِلُّ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ فَأُحِلَّتْ لَهُمْ الطَّيِّبَاتُ عِنْدَهُمْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْهَا وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثُ عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ? وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ}.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت؟ قِيلَ لاَ يَجُوزُ فِي تَفْسِيرِ الآيَةِ إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ تَكُونَ الْخَبَائِثُ مَعْرُوفَةً عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِهَا وَالطَّيِّبَاتُ كَذَلِكَ إمَّا فِي لِسَانِهَا وَإِمَّا فِي خَبَرٍ يَلْزَمُهَا وَلَوْ ذَهَبَ إلَى أَنْ يَقُولَ كُلُّ مَا حَرُمَ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ وَمَا لَمْ يَنُصَّ بِتَحْرِيمٍ فَهُوَ حَلاَلٌ أَحَلَّ أَكْلَ الْعَذِرَةِ وَالدُّودِ وَشُرْبِ الْبَوْلِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُنَصَّ فَيَكُونُ مُحَرَّمًا وَلَكِنَّهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْخَبَائِثِ الَّتِي حَرَّمُوا فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ بِتَحْرِيمِهِمْ وَكَانَ هَذَا فِي شَرٍّ مِنْ حَالِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمُحَرَّمَيْنِ لِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ يُنَجِّسَانِ مَا مَاسَّا وَقَدْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرَ نَجِسَةٍ فَالْبَوْلُ وَالْعَذِرَةُ@

الصفحة 628