كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

نَسْتَطِيعُ أَنْ نَجِدَهُ فِيهَا كُلِّهَا أَبْيَنَ مِنْ هَذَا , وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ : أَنَّ الْبَعِيرَ يُعْلَفُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً , وَالشَّاةُ عَدَدًا أَقَلَّ مِنْ هَذَا , وَالدَّجَاجَةُ سَبْعًا . وَكُلُّهُمْ فِيمَا يُرَى إنَّمَا أَرَادَ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت , مِنْ تَغَيُّرِهَا مِنْ الطِّبَاعِ الْمَكْرُوهَةِ , إلَى الطِّبَاعِ غَيْرِ الْمَكْرُوهَةِ , الَّتِي هِيَ فِي فِطْرَةِ الدَّوَابِّ
بَابُ ذَبَائِحِ بَنِي إسْرَائِيلَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ :
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا مَا حَرَّمَ إسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ? الآيَةَ. وَقَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ { فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - طَيِّبَاتٍ كَانَتْ أُحِلَّتْ لَهُمْ . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ? وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } إلَى قَوْلِهِ " لَصَادِقُونَ " .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : الْحَوَايَا مَا حَوَى الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي الْبَطْنِ , فَلَمْ يَزَلْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ - الْيَهُودِ خَاصَّةً , وَغَيْرِهِمْ عَامَّةً - مُحَرَّمًا مِنْ حِينِ حَرَّمَهُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَفَرَضَ الْإِيمَانَ بِهِ , وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَطَاعَةِ أَمْرِهِ , وَأَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَتُهُ , وَأَنَّ دِينَهُ الْإِسْلاَمُ الَّذِي نَسَخَ بِهِ كُلَّ دِينٍ كَانَ قَبْلَهُ . وَجَعَلَ مَنْ أَدْرَكَهُ وَعَلِمَ دِينَهُ فَلَمْ يَتَّبِعْهُ كَافِرًا بِهِ فَقَالَ { إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلاَمُ } فَكَانَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ , وَأَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } إلَى قَوْلِهِ { مُسْلِمُونَ } وَأُمِرْنَا بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ إنْ لَمْ يُسْلِمُوا , وَأَنْزَلَ فِيهِمْ { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ } إلَى قَوْلِهِ { وَالْأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } فَقِيلَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَوْزَارَهُمْ وَمَا مَنَعُوا بِمَا أَحْدَثُوا قَبْلَ مَا شُرِعَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَبْقَ خَلْقٌ يَعْقِلُ - مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - كِتَابِيٌّ وَلاَ وَثَنِيٌّ وَلاَ حَيٌّ ذُو رُوحٍ , مِنْ جِنٍّ وَلاَ إنْسٍ - بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ @

الصفحة 631