كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

يُشْبِهُ دَلاَلَةَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ? لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} وَقَالَ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ , وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} فَذَكَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إبَاحَةَ صَيْدِ الْبَحْرِ لِلْمُحْرِمِ وَمَتَاعًا لَهُ , يَعْنِي طَعَامًا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , ثُمَّ حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ مَا كَانَ أَكْلُهُ مُبَاحًا لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ , ثُمَّ أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَ الْغُرَابَ , وَالْحِدَأَةَ. وَالْفَأْرَةَ , وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ , وَالْأَسَدَ , وَالنَّمِرَ , وَالذِّئْبَ الَّذِي يَعْدُو عَلَى النَّاسِ , فَكَانَتْ مُحَرَّمَةَ الْأَكْلِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذْ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ , فَكَانَ مَا أُبِيحَ قَتْلُهُ مَعَهَا , يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ لِإِبَاحَتِهِ مَعَهَا , وَأَنَّهُ لاَ يَضُرُّ ضَرَرُهَا , وَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَكْلَ الضَّبُعِ , وَهُوَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالْفَأْرَةِ أَضْعَافًا , وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ مَا ضَرَّ , وَلاَ يَقْتُلَ مَا لاَ يَضُرُّ , وَيَفْدِيهِ إنْ قَتَلَهُ , وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَاهُ. لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَلَّ أَكْلَ لَحْمِ الضَّبُعِ , وَأَنَّ السَّلَفَ وَالْعَامَّةَ عِنْدَهُمْ فَدَوْهَا. وَهِيَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالْفَأْرِ. وَكُلُّ مَا لَمْ تَكُنْ الْعَرَبُ تَأْكُلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَكَانَتْ تَدَعُهُ عَلَى التَّقَذُّرِ بِهِ مُحَرَّمٌ وَذَلِكَ مِثْلُ الْحِدَأِ. وَالْبُغَاثِ. وَالْعُقْبَانِ. وَالْبُزَاةِ. وَالرَّخَمِ. وَالْفَأْرَةِ. وَاللُّحَكَاءِ. وَالْخَنَافِسِ. وَالْجِعْلاَنِ. وَالْعَظَاءِ. وَالْعَقَارِبِ. وَالْحَيَّاتِ. وَالذَّرِّ. وَالذِّبَّانِ. وَمَا أَشْبَهَ هَذَا. وَكُلُّ مَا كَانَتْ تَأْكُلُهُ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ. وَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا نَصَّ تَحْرِيمَهُ. أَوْ يَكُونُ عَلَى @

الصفحة 634