كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
مِنْ الزَّكَاةِ وَالدِّيَاتِ , وَلَوْلاَ الِاسْتِغْنَاءُ بِعِلْمِ الْعَامَّةِ بِمَا وَصَفْنَا فِي هَذَا لاََوْضَحْنَا مِنْ تَفْسِيرِهِ أَكْثَرَ مِمَّا كَتَبْنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فَمَنْ أَمَرَ لِرَجُلٍ بِزَرْعٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ , لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ , لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَمْ يَأْتِ فِيهِ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ بِإِبَاحَتِهِ , فَهُوَ مَمْنُوعٌ بِمَالِكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَقَدْ قِيلَ مَنْ مَرَّ بِحَائِطٍ , فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ , وَلاَ يَتَّخِذَ خُبْنَةً , وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ , لَوْ كَانَ يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَنَا , لَمْ نُخَالِفْهُ . وَالْكِتَابُ وَالْحَدِيثُ الثَّابِتُ , أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ . وَلَوْ اُضْطُرَّ رَجُلٌ فَخَافَ الْمَوْتَ ثُمَّ مَرَّ بِطَعَامٍ لِرَجُلٍ , لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ , مَا يَرُدُّ مِنْ جُوعِهِ , وَيَغْرَمُ لَهُ ثَمَنَهُ , وَلَمْ أَرَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ , فَضْلاً مِنْ طَعَامٍ عِنْدَهُ , وَخِفْت أَنْ يَضِيقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَيَكُونَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ , إذَا خَافَ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ الْقَتْلَ .
جِمَاعُ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ مِمَّا يَمْلِكُ النَّاسُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : أَصْلُ مَا يَمْلِكُ النَّاسُ مِمَّا يَكُونُ مَأْكُولاً وَمَشْرُوبًا , شَيْئَانِ . أَحَدُهُمَا , مَا فِيهِ رُوحٌ , وَذَلِكَ الَّذِي فِيهِ مُحَرَّمٌ وَحَلاَلٌ , وَمِنْهُ مَا لاَ رُوحَ فِيهِ , وَذَلِكَ كُلُّهُ حَلاَلٌ , إذَا كَانَ بِحَالِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ الْآدَمِيُّونَ لَمْ يُحْدِثُوا فِيهِ صَنْعَةً خَلَطُوهُ بِمُحَرَّمٍ , أَوْ اتَّخَذُوهُ مُسْكِرًا , فَإِنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ , وَمَا كَانَ مِنْهُ سُمًّا يَقْتُلُ رَأَيْته مُحَرَّمًا , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , حَرَّمَ قَتْلَ النَّفْسِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ . ثُمَّ قَتْلَهُمْ أَنْفُسَهُمْ خَاصَّةً , وَمَا كَانَ مِنْهُ خَبِيثًا قَذِرًا فَقَدْ تَرَكَتْهُ الْعَرَبُ تَحْرِيمًا لَهُ بِقَذَرِهِ . وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ , مَا كَانَ نَجِسًا . وَمَا عَرَفَهُ النَّاسُ سُمًّا يَقْتُلُ , خِفْت أَنْ لاَ يَكُونَ لِأَحَدٍ رُخْصَةٌ فِي شُرْبِهِ , لِدَوَاءٍ وَلاَ غَيْرِهِ , وَأَكْرَهُ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ , خَلَطَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يَخْلِطْهُ . وَأَخَافُ مِنْهُ عَلَى شَارِبِهِ وَسَاقِيهِ , أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً نَفْسَهُ وَمَنْ سَقَاهُ . وَقَدْ قِيلَ : يَحْرُمُ الْكَثِيرُ الْبَحْتُ مِنْهُ , وَيَحِلُّ @
الصفحة 639