كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

الْقَلِيلُ الَّذِي الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَنْفَعَ وَلاَ يَبْلُغَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً , وَقَدْ سَمِعْت بِمَنْ مَاتَ مِنْ قَلِيلٍ , قَدْ بَرَأَ مِنْهُ غَيْرُهُ , فَلاَ أُحِبُّهُ , وَلاَ أُرَخِّصُ فِيهِ بِحَالٍ , وَقَدْ يُقَاسُ بِكَثِيرِ السُّمِّ , وَلاَ يَمْنَعُ هَذَا أَنْ يَكُونَ يَحْرُمُ شُرْبُهُ.
تَفْرِيعُ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} إحْلاَلَهَا دُونَ مَا سِوَاهَا , وَاحْتَمَلَ إحْلاَلَهَا بِغَيْرِ حَظْرِ مَا سِوَاهَا. وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ} وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ? قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} وَقَوْلُهُ {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} وَمَا أَشْبَهَ هَؤُلاَءِ الْآيَاتِ , أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ كُلَّ مَأْكُولٍ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ فِي كِتَابِهِ نَصًّا , وَاحْتَمَلَ كُلَّ مَأْكُولٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ بِعَيْنِهِ نَصًّا أَوْ تَحْرِيمُهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَحْرُمُ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَتَحْلِيلُ الْكِتَابِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالِانْتِهَاءِ إلَى أَمْرِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَكُونُ إنَّمَا حَرُمَ بِالْكِتَابِ فِي الْوَجْهَيْنِ. فَلَمَّا احْتَمَلَ أَمْرَ هَذِهِ الْمَعَانِي , كَانَ أَوْلاَهَا بِنَا , الِاسْتِدْلاَلَ عَلَى مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ سُنَّةٍ تُعْرِبُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ أَمْرٍ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ أَنْ يَجْهَلُوا لِلَّهِ حَرَامًا وَلاَ حَلاَلاً إنَّمَا يُمْكِنُ فِي بَعْضِهِمْ , وَأَمَّا فِي عَامَّتِهِمْ فَلاَ , وَقَدْ وَضَعْنَا هَذَا مَوَاضِعَهُ عَلَى التَّصْنِيفِ@

الصفحة 640