كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

قَصَدْت بِالْوَصِيَّةِ قَصْدَ صِفَةٍ دُونَ صِفَةٍ . وَأَخْرَجْت مِنْ الْوَصِيَّةِ مَنْ لَمْ تَصِفْ أَنَّ لَهُ وَصِيَّتَك . قَالَ : أَجَلْ . وَلَوْلاَ أَنَّهُ خَصَّ تَحْرِيمَ السِّبَاعِ . لَكَانَ أَجْمَعَ وَأَقْرَبَ . وَلَكِنَّهُ خَصَّ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ بِالتَّحْرِيمِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْت لَهُ : هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ الْأُولَى مِنْ عِلْمِ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ . فَسَلْ عَنْ الثَّانِيَةِ . قَالَ : هَلْ مِنْهَا شَيْءٌ مَخْلُوقٌ لَهُ نَابٌ وَشَيْءٌ مَخْلُوقٌ لاَ نَابَ لَهُ ؟ قُلْت : مَا عَلِمْته , قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَخْتَلِفُ . فَتَكُونُ الْأَنْيَابُ لِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ . فَكَيْفَ الْقَوْلُ فِيهَا ؟ قُلْت : لاَ مَعْنَى فِي خَلْقِ الْأَنْيَابِ فِي تَحْلِيلٍ وَلاَ تَحْرِيمٍ . لِأَنِّي لاَ أَجِدُ إذَا كَانَتْ فِي خَلْقِ الْأَنْيَابِ سَوَاءً شَيْئًا أَنْفِيه خَارِجًا مِنْ التَّحْرِيمِ . وَلاَ بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِهَا مِنْ التَّحْرِيمِ إذَا كَانَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إخْرَاجُهُ . قَالَ : أَجَلْ . هَذَا كَمَا وَصَفْت . وَلَكِنْ مَا أَرَدْت بِهَذَا ؟ قُلْت : أَرَدْت أَنْ يَذْهَبَ غَلَطُك إلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ فِي خَلْقِ الْأَنْيَابِ . قَالَ : فَفِيمَ ؟ قُلْت : فِي مَعْنَاهُ دُونَ خَلْقِهِ . فَسَلْ عَنْ النَّابِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ عِلْمِ كُلِّ ذِي نَابٍ . قَالَ : فَاذْكُرْهُ أَنْتَ , قُلْت : كُلُّ مَا كَانَ يَعْدُو مِنْهَا عَلَى النَّاسِ بِقُوَّةٍ وَمُكَابَرَةٍ فِي نَفْسِهِ بِنَابِهِ . دُونَ مَا لاَ يَعْدُو . قَالَ : وَمِنْهَا مَا لاَ يَعْدُو عَلَى النَّاسِ بِمُكَابَرَةٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنْهَا ؟ قُلْت : نَعَمْ . قَالَ : فَاذْكُرْ مَا يَعْدُو . قُلْت : يَعْدُو الْأَسَدُ وَالنَّمِرُ وَالذِّئْبُ . قَالَ : فَاذْكُرْ مَا لاَ يَعْدُو مُكَابَرَةً عَلَى النَّاسِ . قُلْت الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ وَمَا أَشْبَهَهُ . قَالَ : فَلاَ مَعْنَى لَهُ غَيْرُ مَا وَصَفْت ؟ قُلْت : وَهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي . وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مَخْلُوقٌ لَهُ نَابٌ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقُلْت لَهُ : سَأَزِيدُك فِي تَبْيِينِهِ . قَالَ : مَا أَحْتَاجُ بَعْدَمَا وَصَفْت إلَى زِيَادَةٍ . وَلَقَلَّمَا يُمْكِنُ إيضَاحُ شَيْءٍ إمْكَانَ هَذَا قُلْت : أُوَضِّحُهُ لَك وَلِغَيْرِك مِمَّنْ لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ مَا فَهِمْت أَوْ أُفْهِمُهُ فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ . قَالَ : فَاذْكُرْهُ
أَكْلُ الضَّبُع
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ@

الصفحة 644