كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

آكُلُهُ وَلاَ مُحَرِّمُهُ } دَلَّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَكْلَهُ لاَ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيمِهِ , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيمِهِ , فَإِنَّمَا تَرَكَ مُبَاحًا عَافَهُ وَلَمْ يَشْتَهِهِ . وَلَوْ عَافَ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا أَوْ تَمْرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ الطِّبَاعِ , لاَ مُحَرِّمًا لِمَا عَافَ فَقَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ : أَرَأَيْت إنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَحْتَمِلُ مَعْنًى غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي زَعَمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ؟ فَزَعَمْت أَنَّهُ بَيِّنٌ لاَ يَحْتَمِلُ مَعْنًى غَيْرَهُ ؟ قُلْت : نَعَمْ . قَالَ : وَإِذَا قُلْت مَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ مَعْصُومًا , قُلْت لَهُ : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ التَّحْلِيلِ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ تَحْلِيلٍ وَلاَ تَحْرِيمٍ فَيُجِيبَ فِيهِ إلَّا أَحَلَّهُ أَوْ حَرَّمَهُ . وَلَيْسَ هَكَذَا أَحَدٌ بَعْدَهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ وَيَجْهَلُ , وَيَقِفُ وَيُجِيبُ , ثُمَّ لاَ يَقُومُ جَوَابُهُ مَقَامَ جَوَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : فَمَا الْمَعْنَى الَّذِي قُلْت قَدْ بَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِهِ ؟ قُلْت : { قُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَبٌّ فَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهَا , فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَحَرَامٌ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ , وَلَكِنْ أَعَافُهَا لَمْ تَكُنْ بِبَلَدِ قَوْمِي فَاجْتَرَّهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَكَلَهَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ } , وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , لَيْسَتْ حَرَامًا فَهِيَ حَلاَلٌ , وَإِذَا أَقَرَّ خَالِدًا بِأَكْلِهَا , فَلاَ يَدَعُهُ يَأْكُلُ حَرَامًا , وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ تَرْكَهُ إيَّاهَا أَنَّهُ عَافَهَا . لاَ حَرَّمَهَا .@

الصفحة 648