كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

فَبَاضَتْ وَأَفْرَخَتْ . لَمْ يَحِلَّ أَكْلُ فِرَاخِهَا مِنْ ذَلِكَ التَّجَثُّمِ . لِاخْتِلاَطِ الْمُحَرَّمِ وَالْحَلاَلِ فِيهِ . أَلاَ تَرَى أَنَّ خَمْرًا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِلَبَنٍ . أَوْ وَدَكَ خِنْزِيرٍ بِسَمْنٍ . أَوْ مُحَرَّمًا بِحَلاَلٍ فَصَارَا لاَ يُزِيلُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ حَرُمَ أَنْ يَكُونَ مَأْكُولاً . وَلَوْ أَنَّ صَيْدًا أُصِيبَ أَوْ بَيْضَ صَيْدٍ . فَأُشْكِلَتْ خِلْقَتُهُ . فَلَمْ يُدْرَ لَعَلَّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ مِمَّا لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَالْآخَرُ يَحِلُّ أَكْلُهُ , كَانَ الِاحْتِيَاطُ . الْكَفَّ عَنْ أَكْلِهِ . وَالْقِيَاسُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى خِلْقَتِهِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَوْلَى بِخِلْقَتِهِ جُعِلَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ . إنْ كَانَ الَّذِي يَحِلُّ أَكْلُهُ أَوْلَى بِخِلْقَتِهِ أَكَلَهُ . وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَحْرُمْ أَكْلُهُ أَوْلَى بِخِلْقَتِهِ لَمْ يَأْكُلْهُ . وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَنْزُوَ حِمَارٌ إنْسِيٌّ أَتَانًا وَحْشِيَّةً أَوْ أَتَانًا إنْسِيَّةً . وَلَوْ نَزَا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ فَرَسًا أَوْ فَرَسٌ أَتَانًا وَحْشِيًّا لَمْ يَكُنْ بِأَكْلِهِ بَأْسٌ . لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ . وَإِذَا تَوَحَّشَ وَاصْطِيدَ , أُكِلَ بِمَا يُؤْكَلُ بِهِ الصَّيْدُ . وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي صِغَارِ أَوْلاَدِهِ وَفِرَاخِهِ وَبَيْضِهِ , لاَ يَخْتَلِفُ . وَمَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ مِنْ صَيْدٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ , فَدَاهُ وَكَذَلِكَ يَفْدِي مَا أَصَابَ مِنْ بَيْضِهِ . وَمَا قَتَلَ مِنْ صَيْدٍ لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ . أَوْ أَصَابَ مِنْ بَيْضِهِ لَمْ يَفْدِهِ . وَلَوْ أَنَّ ذِئْبًا نَزَا عَلَى ضَبُعٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهَا تَأْتِي بِوَلَدٍ لاَ يُشْبِهُهَا مَحْضًا وَلاَ الذِّئْبَ مَحْضًا يُقَالُ لَهُ السَّبُعُ , لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ لِمَا وَصَفْت مِنْ اخْتِلاَطِ الْمُحَرَّمِ وَالْحَلاَلِ , وَأَنَّهُمَا لاَ يَتَمَيَّزَانِ فِيهِ .
مَا يَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا حَرُمَ وَلَمْ يَحِلَّ بِالذَّكَاةِ { وَمَا لَكُمْ أَنْ لاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ } وَقَالَ { إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ } إلَى قَوْلِهِ { غَفُورٌ رَحِيمٌ } وَقَالَ فِي ذِكْرِ مَا حَرَّمَ { فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَيَحِلُّ مَا حَرُمَ مِنْ مَيْتَةٍ وَدَمٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ وَكُلِّ مَا حَرُمَ مِمَّا لاَ يُغَيِّرُ الْعَقْلَ مِنْ الْخَمْرِ لِلْمُضْطَرِّ . وَالْمُضْطَرُّ الرَّجُلُ يَكُونُ بِالْمَوْضِعِ لاَ طَعَامَ فِيهِ مَعَهُ وَلاَ شَيْءَ يَسُدُّ فَوْرَةَ جُوعِهِ مِنْ@

الصفحة 652