كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

كِتَابُ النُّذُورِ
بَابُ النُّذُورِ الَّتِي كَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ أَيْمَانٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَلاَ نَذْرَ وَلاَ كَفَّارَةَ , لِأَنَّ النَّذْرَ مَعْنَاهُ مَعْنَى عَلَيَّ أَنْ أَبَرَّ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَعْنَى أَنِّي أَثِمْت وَلاَ حَلَفْت , فَلَمْ أَفْعَلْ وَإِذَا نَوَى بِالنَّذْرِ شَيْئًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ , فَهُوَ مَا نَوَى.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ: " عَلَيَّ نَذْرٌ , إنْ كَلَّمْت فُلاَنًا , أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أُكَلِّمَ فُلاَنًا , يُرِيدُ هِجْرَتَهُ , أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ. وَأَنَّهُ إنْ قَالَ: " عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أَهْجُرَهُ , يُرِيدُ بِذَلِكَ نَذْرَ هِجْرَتِهِ نَفْسِهَا , لاَ يَعْنِي قَوْلَهُ أَنْ أَهْجُرَهُ أَوْ لَمْ أَهْجُرْهُ. فَإِنَّهُ لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ , وَلِيُكَلِّمَهُ , لِأَنَّهُ نَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ فُلاَنًا أَوْ لاَ يَصِلَ فُلاَنًا , فَهَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ خَيْرٌ لَك مِنْ الْبِرِّ فَكَفِّرْ وَاحْنَثْ , لِأَنَّك تَعْصِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي هِجْرَتِهِ , وَتَتْرُكُ الْفَضْلَ فِي مَوْضِعِ صِلَتِهِ. وَهَذَا فِي مَعْنَى الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - {فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ} وَهَكَذَا كُلُّ@

الصفحة 656