كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
أَحَدُهُمَا مَعْقُولُ مَعْنَى قَوْلِ عَطَاءٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ النُّسُكِ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا حَنِثَ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ حَجٌّ وَلاَ عُمْرَةٌ وَلاَ صَوْمٌ وَمَذْهَبُهُ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ لِلَّهِ لاَ تَكُونُ إلَّا بِفَرْضٍ يُؤَدِّيهِ مِنْ فُرُوضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَوْ تَبَرُّرًا يُرِيدُ اللَّهَ بِهِ فَأَمَّا مَا عَلاَ عُلُوَّ الْإِيمَانِ فَلاَ يَكُونُ تَبَرُّرًا وَإِنَّمَا يَعْمَلُ التَّبَرُّرَ لِغَيْرِ الْعُلُوِّ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ عَطَاءٍ : عَلَيْهِ الْمَشْيُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ إذَا نَذَرَهُ مُتَبَرِّرًا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالتَّبَرُّرُ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ شَفَى اللَّهُ فُلاَنًا أَوْ قَدِمَ فُلاَنٌ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ قَضَى عَنِّي دَيْنًا أَوْ كَانَ كَذَا أَنْ أَحُجَّ لَهُ نَذْرًا فَهُوَ التَّبَرُّرُ . فَأَمَّا إذَا قَالَ : إنْ لَمْ أَقْضِك حَقَّك فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَهَذَا مِنْ مَعَانِي الْأَيْمَانِ لاَ مَعَانِي النُّذُورِ وَأَصْلُ مَعْقُولِ قَوْلِ عَطَاءٍ فِي مَعَانِي النُّذُورِ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَلاَ كَفَّارَةٌ فَهَذَا يُوَافِقُ السُّنَّةَ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ : لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ شَفَانِي أَوْ شَفَى فُلاَنًا أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي أَوْ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَمَنْ قَالَ هَذَا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي السَّائِبَةِ , وَإِنَّمَا أَبْطَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّذْرَ فِي الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةً وَكَانَ فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يَفِيَ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ جَاءَتْ السُّنَّةُ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ { مَنْ@
الصفحة 660