كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)
هَذَا الْحَجُّ أَلاَ تَرَى أَنَّ حُكْمَهُ لَوْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْحَجِّ أَوْ نَاذِرًا لَهُ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتُهُ أَلَّا يُجْزِي هَذَا الْحَجُّ مِنْ حَجٍّ وَلاَ عُمْرَةٍ ؟ فَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَسْقُطَ وَلاَ يُجْزِي مِنْ حَجٍّ وَلاَ عُمْرَةٍ فَكَيْفَ لاَ يَسْقُطُ الْمَشْيُ الَّذِي إنَّمَا هُوَ هَيْئَةٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ؟ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ وَلَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ فَإِنْ كَانَ نَذَرَ ذَلِكَ مَاشِيًا فَلاَ يَمْشِي لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حَجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتُهُ فَإِنْ مَشَى فَإِنَّمَا مَشَى حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ مَاشِيًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ إذَا لَمْ يَعْتَمِرْ وَيَحُجَّ فَإِنَّمَا هُوَ حَجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَنَوَى بِهِ نَذْرًا أَوْ حَجًّا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ تَطَوُّعًا فَهُوَ كُلُّهُ حَجَّةُ الْإِسْلاَمِ وَعُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِنَذْرِهِ فَيُوفِيَهُ كَمَا نَذَرَ مَاشِيًا أَوْ غَيْرَ مَاشٍ ( قَالَ الرَّبِيعُ ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَشْيُ لاَ يَضُرُّ بِمَنْ يَمْشِي فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِهِ فَيَرْكَبُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِ مَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا إسْرَائِيلَ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَهُ وَيَتَنَحَّى عَنْ الشَّمْسِ فَأَمَرَهُ بِاَلَّذِي فِيهِ الْبِرُّ وَلاَ يَضُرُّ بِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَعْذِيبِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لاَ حَاجَةَ لِلَّهِ فِي تَعْذِيبِهِ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَمْشِي إذَا كَانَ الْمَشْيُ تَعْذِيبًا لَهُ يَضُرُّ بِهِ تَرَكَهُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قَالَ : إنْ شَفَى اللَّهُ فُلاَنًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَشْيٌ حَتَّى يَكُونَ نَوَى شَيْئًا يَكُونُ مِثْلُهُ بِرًّا , فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَشْيِ إلَى غَيْرِ مَوَاضِعِ الْبِرِّ بِرٌّ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ نَذَرَ فَقَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى إفْرِيقِيَّةَ أَوْ الْعِرَاقِ أَوْ@
الصفحة 663