كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

فَإِنْ قَالَ : فَهُوَ لاَ يُؤْجَرُ عَلَى الزَّكَاةِ , قِيلَ وَلاَ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا وَلاَ غَيْرِهَا مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ الَّتِي تَلْزَمُهُ وَيُحْبَطُ أَجْرُ عَمَلِهِ فِيمَا أَدَّى مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ , وَكَذَلِكَ لاَ يُؤْجَرُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ مِنْهُ فَهُوَ يُؤْخَذُ .
بَابُ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : النَّاسُ عَبِيدُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ فَمَلَّكَهُمْ مَا شَاءَ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ فِيمَا مَلَّكَهُمْ مَا شَاءَ { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } . فَكَانَ فِيمَا آتَاهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا جَعَلَ عَلَيْهِمْ فِيهِ , وَكُلٌّ أَنْعَمَ فِيهِ عَلَيْهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , فَكَانَ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ فِيمَا مَلَّكَهُمْ زَكَاةً أَبَانَ أَنَّ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ فِي وَقْتٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ حَلاَلاً لَهُمْ مِلْكُ الْمَالِ وَحَرَامًا عَلَيْهِمْ حَبْسُ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا غَيْرَهُمْ فِي وَقْتٍ كَمَا مَلَّكَهُمْ أَمْوَالَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ فَكَانَ بَيِّنًا فِيمَا وَصَفْت , وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } أَنَّ كُلَّ مَالِكٍ تَامَّ الْمِلْكِ مِنْ حُرٍّ لَهُ مَالٌ فِيهِ زَكَاةٌ سَوَاءٌ فِي أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضَ الزَّكَاةِ بَالِغًا كَانَ , أَوْ صَحِيحًا , أَوْ مَعْتُوهًا , أَوْ صَبِيًّا ; لِأَنَّ كُلًّا مَالِكٌ مَا يَمْلِكُ صَاحِبُهُ , وَكَذَلِكَ يَجِبُ فِي مِلْكِهِ مَا يَجِبُ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ وَكَانَ مُسْتَغْنِيًا بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ عَلَى الصَّبِيِّ , وَالْمَعْتُوهِ الزَّكَاةَ عَنْ الْأَحَادِيثِ كَمَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ , وَالْمَعْتُوهَ نَفَقَةُ مَنْ تَلْزَمُ الصَّحِيحَ الْبَالِغَ نَفَقَتُهُ وَيَكُونُ فِي أَمْوَالِهِمَا جِنَايَتُهُمَا عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ كَمَا يَكُونُ فِي مَالِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ , وَكُلُّ هَذَا حَقٌّ لِغَيْرِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَسَوَاءٌ كُلُّ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ نَاضٍّ وَمَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ وَغَيْرِهِ , فَمَا وَجَبَ عَلَى الْكَبِيرِ الْبَالِغِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَجَبَ عَلَى الصَّغِيرِ فِيهِ الزَّكَاةُ , وَالْمَعْتُوهُ وَكُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ , وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ , وَالْأُنْثَى@

الصفحة 69