كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 3)

عَلَى مَا احْتَجَجْت فَأَنْتَ تَارِكٌ مَوَاضِعَ الْحُجَّةِ ; قَالَ : وَأَيْنَ قُلْت زَعَمْت أَنَّ الْمَاشِيَةَ , وَالزَّرْعَ إذَا كَانَا لِيَتِيمٍ كَانَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ ؟ فَإِنْ زَعَمْت أَنْ لاَ زَكَاةَ فِي مَالٍ فَقَدْ أَخَذْتهَا فِي بَعْضِ مَالِهِ وَلَعَلَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ وَظَلَمْته فَأَخَذَتْ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ , وَإِنْ كَانَ دَاخِلاً فِي الْإِرْثِ ; لِأَنَّ فِي مَالِهِ الزَّكَاةَ فَقَدْ تَرَكْت زَكَاةَ ذَهَبِهِ وَوَرِقِهِ أَرَأَيْت لَوْ جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ هَذَا فَقَالَ : آخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ ذَهَبِهِ وَوَرِقِهِ وَلاَ آخُذُهَا مِنْ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ , هَلْ كَانَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ دَاخِلاً فِي مَعْنَى الآيَةِ ; لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَتَكُونُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ , أَوْ يَكُونُ خَارِجًا مِنْهَا بِأَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَلاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ الزَّكَاةُ ؟ أَوْ رَأَيْت إذْ زَعَمْت أَنَّ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَكَيْفَ أَخْرَجْته مَرَّةً مِنْ زَكَاةٍ وَأَدْخَلْته فِي أُخْرَى ؟ أَوْ رَأَيْت إذْ زَعَمْت أَنَّهُ لاَ فَرْضَ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ فَذَهَبْت إلَى أَنَّ الْفَرَائِضَ تَثْبُتُ مَعًا وَتَزُولُ مَعًا , وَأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالْفَرَائِضِ هُمْ الْبَالِغُونَ , وَأَنَّ الْفَرَائِض كُلَّهَا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ يَثْبُتُ بَعْضُهَا بِثُبُوتِ بَعْضٍ وَيَزُولُ بَعْضُهَا بِزَوَالِ بَعْضٍ حَتَّى فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ثُمَّ زَعَمْت أَنَّ الصَّغِيرَةَ دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى فَرْضِ الْعِدَّةِ , وَهِيَ رَضِيعٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا , أَوْ رَأَيْت إذْ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةَ فَسَنّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْعَاقِلَةِ بِجِنَايَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً كَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا كَانَتْ فِيهِ دِيَةٌ وَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الصَّبِيَّ فِي كُلِّ مَا جَنَى عَلَى عَبْدٍ وَحُرٍّ مِنْ جِنَايَةٍ لَهَا أَرْشٌ , أَوْ أَفْسَدَ لَهُ مِنْ مَتَاعٍ , أَوْ اسْتَهْلَكَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْكَبِيرِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ , أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْت أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى فَرَائِضَ خَارِجٌ مِنْ فَرَائِضِ غَيْرِهَا ؟ أَوْ رَأَيْت إذْ زَعَمْت أَنَّ الصَّلاَةَ , وَالزَّكَاةَ إذَا كَانَتَا مَفْرُوضَتَيْنِ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى أَفَرَأَيْت إنْ كَانَ لاَ مَالَ لَهُ أَلَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْ فَرْضِ الزَّكَاةِ ؟ , فَإِذَا خَرَجَ مِنْ فَرْضِ الزَّكَاةِ أَيَكُونُ خَارِجًا مِنْ فَرْضِ الصَّلاَةِ ؟ أَوْ رَأَيْت إنْ كَانَ ذَا مَالٍ فَيُسَافِرُ أَفَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ @

الصفحة 72