كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : قُلْت لَهُ أَرَأَيْت رَجُلاً قَالَ لَك أُقَلِّدُك فَأَسْمَعُك تَقُولُ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَالتَّفَرُّقُ عِنْدَك التَّفَرُّقُ بِالْكَلاَمِ وَأَنْتَ تَقُولُ إذَا تَفَرَّقَ الْمُتَصَارِفَانِ قَبْلَ التَّقَابُضِ كَانَ الصَّرْفُ رِبًا وَهُمَا فِي مَعْنَى الْمُتَبَايِعَيْنِ غَيْرَهُمَا ; لِأَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ مُتَبَايِعَانِ , وَإِذَا تَفَرَّقَا عَنْ الْكَلاَمِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَسَدَ الصَّرْفُ قَالَ لَيْسَ هَذَا لَهُ , قُلْت فَيَقُولُ لَك كَيْفَ صِرْت إلَى نَقْضِ قَوْلِك ؟ قَالَ إنَّ عُمَرَ سَمِعَ طَلْحَةَ وَمَالِكًا قَدْ تَصَارَفَا فَلَمْ يَنْقُضْ الصَّرْفَ وَرَأَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - { هَاءَ وَهَاءَ } إنَّمَا هُوَ لاَ يَتَفَرَّقَا حَتَّى تَقَاضَا قُلْت تَفَرَّقَا عَنْ الْكَلاَمِ , قَالَ نَعَمْ : قُلْت فَقَالَ لَك أَفَرَأَيْت لَوْ احْتَمَلَ اللِّسَانُ مَا قُلْت وَمَا قَالَ مَنْ خَالَفَك أَمَا يَكُونُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ الْحَدِيثَ أَوْلَى أَنْ يُصَارَ إلَى قَوْلِهِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي سَمِعَ الْحَدِيثَ فَلَهُ فَضْلُ السَّمَاعِ وَالْعِلْمِ بِمَا سَمِعَ وَبِاللِّسَانِ ؟ قَالَ بَلَى قُلْت فَلَمْ لَمْ تُعْطِ هَذَا ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } فَكَانَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ أَنْ يَجِبَ لَهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ فَمَشَى قَلِيلاً ثُمَّ رَجَعَ وَلِمَ لَمْ تُعْطِ هَذَا أَبَا بَرْزَةَ وَهُوَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ } وَقَضَى بِهِ وَقَدْ تَصَادَقَا بِأَنَّهُمَا تَبَايَعَا ثُمَّ كَانَ مَعًا لِمَ لَمْ يَتَفَرَّقَا فِي لَيْلَتِهِمَا ثُمَّ غَدَوَا إلَيْهِ فَقَضَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارَ فِي رَدِّ بَيْعِهِ ؟ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ تَقُولُ إنَّ قَوْلِي مُحَالٌ ؟ قُلْت نَعَمْ قَالَ فَمَا أَحْسَبُنِي إلَّا قَدْ اكْتَفَيْت بِأَقَلَّ مِمَّا ذَكَرْت وَأَسْأَلُكَ قَالَ فَسَلْ قُلْت أَفَرَأَيْت إذْ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ } أَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ إلَيْهِمَا الْخِيَارَ إلَى وَقْتَيْنِ يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ إلَى أَيِّهِمَا كَانَ ؟ قَالَ لِي قُلْت فَمَا الْوَقْتَانِ ؟ قَالَ أَنْ يَتَفَرَّقَا بِالْكَلاَمِ , قُلْت فَمَا الْوَجْهُ الثَّانِي ؟ قَالَ لاَ أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا فَدَعْهُ , قُلْت أَفَرَأَيْت إنْ بِعْتُك بَيْعًا وَدَفَعْتُهُ إلَيْك , فَقُلْت أَنْتَ فِيهِ بِالْخِيَارِ إلَى اللَّيْلِ مِنْ يَوْمِك هَذَا وَأَنْ تَخْتَارَ إجَازَةَ الْبَيْعِ قَبْلَ اللَّيْلِ أَجَائِزٌ هَذَا الْبَيْعُ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قُلْت فَمَتَى يَنْقَطِعُ خِيَارُك وَيَلْزَمُك الْبَيْعُ فَلاَ يَكُونُ لَك رَدُّهُ ؟ قَالَ إنْ انْقَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ أَخْتَرْ رَدَّ الْبَيْعِ انْقَطَعَ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ , أَوْ اخْتَرْت قَبْلَ اللَّيْلِ إجَازَةَ الْبَيْعِ انْقَطَعَ الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ , قُلْت فَكَيْفَ لاَ تَعْرِفُ أَنَّ هَذَا قَطَعَ الْخِيَارَ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنْ @

الصفحة 15