كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

يَتَفَرَّقَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ , دَعْهُ , قُلْت نَعَمْ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنِّي بِأَنَّك إنَّمَا عَمَدْت تَرْكَ الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ لاَ يَخْفَى أَنَّ قَطْعَ الْخِيَارِ الْبَيْعَ التَّفَرُّقُ أَوْ التَّخْيِيرُ كَمَا عَرَفْتُهُ فِي جَوَابِك قَبْلَهُ , فَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت إنْ زَعَمْتَ أَنَّ الْخِيَارَ إلَى مُدَّةٍ , وَزَعَمْتَ أَنَّهَا أَنْ يَتَفَرَّقَا فِي الْكَلاَمِ , أَيُقَالُ لِلْمُتَسَاوِمَيْنِ أَنْتُمَا بِالْخِيَارِ ؟ قَالَ نَعَمْ , السَّائِمُ فِي أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَدَعَ , وَالْبَائِعُ فِي أَنْ يُوجِبَ , أَوْ يَدَعَ , قُلْت أَلَمْ يَكُونَا قَبْلَ التَّسَاوُمِ هَكَذَا ؟ قَالَ بَلَى , قُلْت : فَهَلْ أَحْدَثَ لَهُمَا التَّسَاوُمُ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِهِمَا قَبْلَهُ أَوْ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَالِهِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ , وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ ؟ قَالَ لاَ , قُلْت : فَيُقَالُ لِإِنْسَانٍ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي مَالِك الَّذِي لَمْ تُوجِبْ فِيهِ شَيْئًا لِغَيْرِك فَالسَّائِمُ عِنْدَك لَمْ يُوجِبْ فِي مَالِهِ شَيْئًا لِغَيْرِهِ إنَّك لِتُحِيلَ فِيمَا تُجِيبُ فِيهِ مِنْ الْكَلاَمِ , قَالَ فَلِمَ لاَ أَقُولُ لَك أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي مَالِك ؟ قُلْت لِمَا وَصَفْت لَك , وَإِنْ قُلْت ذَلِكَ إلَى مُدَّةٍ تَرَكْت قَوْلَك , قَالَ وَأَيْنَ ؟ قُلْت وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إلَى مُدَّةٍ فَإِذَا اخْتَارَ انْقَطَعَ خِيَارُهُ كَمَا قُلْت إذَا جَعَلْتَهُ بِالْخِيَارِ يَوْمًا , فَمَضَى الْيَوْمُ انْقَطَعَ الْخِيَارُ , قَالَ أَجَلْ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ الْبَيْعَ فَهُوَ إلَى مُدَّةٍ , قُلْت لَمْ أُلْزِمْهُ قَبْلَ إيجَابِ الْبَيْعِ شَيْئًا فَيَكُونُ فِيهِ يَخْتَارُ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي مَالِك مَا جَازَ أَنْ يُقَالَ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إلَى مُدَّةٍ , إنَّمَا يُقَالُ , أَنْتَ بِالْخِيَارِ أَبَدًا , قَالَ : فَإِنْ قُلْت الْمُدَّةُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ مِلْكِهِ ؟ قُلْت , وَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ , فَهُوَ لِغَيْرِهِ , أَفَيُقَالُ , لِأَحَدٍ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي مَالِ غَيْرِك ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْت أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلاً جَاهِلاً عَارَضَك بِمِثْلِ حُجَّتِك , فَقَالَ قَدْ قُلْت الْمُتَسَاوِمَانِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ مُتَبَايِعَيْنِ , وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { هُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } وَالتَّفَرُّقُ عِنْدَك يَحْتَمِلُ تَفَرُّقَ الْأَبَدَانِ وَالتَّفَرُّقَ بِالْكَلاَمِ , فَإِنْ تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا , فَلاَ خِيَارَ لَهُمَا , وَعَلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُعْطِيَ بَيِّعَهُ مَا بَذَلَ لَهُ مِنْهُ , وَعَلَى صَاحِبِ السِّلْعَةِ أَنْ يُسَلِّمَ سِلْعَتَهُ لَهُ بِمَا اسْتَامَ عَلَيْهِ وَلاَ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا بَذَلَهَا بِهِ إذَا تَفَرَّقَا , قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ , قُلْت وَلاَ لَك .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ أَفَلَيْسَ يَقْبُحُ أَنْ أَمْلِكَ سِلْعَتَك وَتَمْلِكَ مَالِي ثُمَّ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا الرَّدُّ بِغَيْرِ عَيْبٍ أَوْ لَيْسَ يَقْبُحُ أَنْ أَبْتَاعَ مِنْك عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ نَتَفَرَّقَ , وَلاَ يَجُوزُ عِتْقِي وَأَنَا مَالِكٌ ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قُلْت لَيْسَ يَقْبُحُ فِي هَذَا شَيْءٌ , إلَّا دَخَلَ عَلَيْك أَعْظَمُ مِنْهُ ,@

الصفحة 16