كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

الْجُزَافُ بِالْكَيْلِ مِنْ جِنْسِهَا وَعَنْ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَحَرَّمْنَا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ ; لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَزَعَمْنَا نَحْنُ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعَرَايَا حَلاَلٌ بِإِحْلاَلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَوَجَدْنَا لِلْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى يُخَرَّجَانِ عَلَيْهِ وَلَجَازَ هَذَا عَلَيْنَا فِي أَكْثَرِ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَخَالَفَنَا بَعْضُ مَنْ وَافَقَنَا فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْبَيْعَ يَجِبُ بِالتَّفَرُّقِ وَالْخِيَارِ فَقَالَ الْخِيَارُ إذَا وَقَعَ مَعَ الْبَيْعِ جَازَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخَيَّرَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَ بَعْدَ الْبَيْعِ , وَمِنْ الْقِيَاسِ إذَا كَانَتْ بَيْعًا فَلاَ يَتِمُّ الْبَيْعُ إلَّا بِتَفَرُّقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَتَفَرُّقُهُمَا شَيْءٌ غَيْرُ عَقْدِ الْبَيْعِ يُشْبِهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ لاَ يَكُونَ يَجِبُ بِالْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا كَانَ التَّفَرُّقُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الْخِيَارُ بَعْدَهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَحَدِيثُ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّفَرُّقَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَفَرُّقُ الْأَبَدَانِ وَيَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - { لاَ يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ } يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي@

الصفحة 22