كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

قال : وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخِنْزِيرَ فَسَمَّاهُ رِجْسًا وَحَرَّمَهُ فَلاَ يَحِلُّ أَنْ يَخْرُجَ لَهُ ثَمَنٌ مُعَجَّلٌ وَلاَ مُؤَخَّرٌ وَلاَ قِيمَةٌ بِحَالٍ وَلَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِيمَةٌ وَمَا لاَ يَحِلُّ ثَمَنُهُ مِمَّا يُمْلَكُ لاَ تَحِلُّ قِيمَتُهُ ; لِأَنَّ الْقِيمَةَ ثَمَنٌ مِنْ الْأَثْمَانِ.
قال : وَمَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فِي حَيَاتِهِ بِيعَ مِنْ النَّاسِ غَيْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ , وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ فَلاَ بَأْسَ بِابْتِيَاعِهِ وَمَا كَانَ لاَ بَأْسَ بِابْتِيَاعِهِ لَمْ يَكُنْ بِالسَّلَفِ فِيهِ بَأْسٌ إذَا كَانَ لاَ يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ , وَمَنْ مَلَكَهُ فَقَتَلَهُ غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَتَلَهُ فِيهِ , وَمَا كَانَ مِنْهُ مُعَلَّمًا فَقَتَلَهُ مُعَلَّمًا فَقِيمَتُهُ مُعَلَّمًا كَمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْعَبْدِ مُعَلَّمًا وَذَلِكَ مِثْلُ الْفَهْدِ يُعَلَّمُ الصَّيْدَ وَالْبَازِي وَالشَّاهَيْنِ وَالصَّقْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ وَمِثْلُ الْهِرِّ وَالْحِمَارِ الْإِنْسِيِّ وَالْبَغْلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ حَيًّا , وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ ..
قال : فَأَمَّا الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ فَيُؤْكَلاَنِ وَيُبَاعَانِ وَهُمَا مُخَالِفَانِ لِمَا وَصَفْتُ يَجُوزُ فِيهِمَا السَّلَفُ إنْ كَانَ انْقِطَاعُهُمَا فِي الْحِينِ الَّذِي يُسْلَفُ فِيهِمَا مَأْمُونًا الْأَمَانَ الظَّاهِرَ عِنْدَ النَّاسِ , وَمَنْ قَتَلَهُمَا وَهُمَا لِأَحَدٍ غَرِمَ ثَمَنَهُمَا كَمَا يَغْرَمُ ثَمَنَ الظَّبْيِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَحْشِ الْمَمْلُوكِ غَيْرُهُمَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكُلُّ مَا لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ مِنْ وَحْشٍ مِثْلُ الْحِدَأَةِ وَالرَّخَمَةِ وَالْبُغَاثَةِ وَمَا لاَ يَصِيدُ مِنْ الطَّيْرِ الَّذِي لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمِثْلُ اللُّحَكَةِ وَالْقَطَا وَالْخَنَافِسِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَأَرَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ لاَ يَجُوزَ شِرَاؤُهُ وَلاَ بَيْعُهُ بِدَيْنٍ وَلاَ غَيْرِهِ , وَلاَ يَكُونُ عَلَى أَحَدٍ لَوْ حَبَسَهُ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَهُ قِيمَةٌ وَكَذَلِكَ الْفَأْرُ وَالْجِرْذَانُ وَالْوِزْغَانُ ; لِأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لِلْمَنْفَعَةِ فِيهِ حَيًّا وَلاَ مَذْبُوحًا وَلاَ مَيِّتًا فَإِذَا @

الصفحة 26