كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

أَيُّوبَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَرَجُلٍ آخَرَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ { لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلاَ الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ وَلاَ الْبُرَّ بِالْبُرِّ وَلاَ الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ وَلاَ الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَكِنْ بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ وَالْوَرِقَ بِالذَّهَبِ وَالْبُرَّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرَ بِالْبُرِّ وَالتَّمْرَ بِالْمِلْحِ وَالْمِلْحَ بِالتَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شِئْتُمْ } قَالَ وَنَقَصَ أَحَدُهُمَا التَّمْرَ أَوْ الْمِلْحَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَحَادِيثِ فِي الصَّرْفِ وَبِهَذَا تَرَكْنَا قَوْلَ مَنْ رَوَى أَنْ لاَ رِبَا إلَّا فِي نَسِيئَةٍ وَقُلْنَا الرِّبَا مِنْ وَجْهَيْنِ فِي النَّسِيئَةِ وَالنَّقْدِ وَذَلِكَ أَنَّ الرِّبَا مِنْهُ يَكُونُ فِي النَّقْدِ بِالزِّيَادَةِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَيَكُونُ فِي الدَّيْنِ بِزِيَادَةِ الْأَجَلِ , وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْأَجَلِ زِيَادَةً فِي النَّقْدِ.
قال : وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَاَلَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْفَضْلَ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضِهِ يَدًا بِيَدٍ , الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ وَالْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ.
قال : وَالذَّهَبُ وَالْوَرِقُ مُبَايِنَانِ لِكُلِّ شَيْءٍ ; لِأَنَّهُمَا أَثْمَانُ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ وَلاَ مِنْ غَيْرِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله فَالتَّحْرِيمُ مَعَهُمَا مِنْ الطَّعَامِ مِنْ مَكِيلٍ كُلِّهِ مَأْكُولٍ.
قال : فَوَجَدْنَا الْمَأْكُولَ إذَا كَانَ مَكِيلاً فَالْمَأْكُولُ إذَا كَانَ مَوْزُونًا فِي مَعْنَاهُ ; لِأَنَّهُمَا مَأْكُولاَنِ مَعًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَشْرُوبًا مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا ; لِأَنَّ الْوَزْنَ أَنْ يُبَاعَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ الْكَيْلُ مَعْلُومًا عِنْدَهُمَا بَلْ الْوَزْنُ أَقْرَبُ مِنْ الْإِحَاطَةِ لِبُعْدِ تَفَاوُتِهِ مِنْ الْكَيْلِ فَلَمَّا اجْتَمَعَا فِي أَنْ يَكُونَا مَأْكُولَيْنِ وَمَشْرُوبَيْنِ وَبَيْعًا مَعْلُومًا بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ كَانَ مَعْنَاهُمَا مَعْنًى وَاحِدًا فَحَكَمْنَا لَهُمَا حُكْمًا وَاحِدًا , وَذَلِكَ مِثْلُ حُكْمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ; لِأَنَّ مَخْرَجَ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ@

الصفحة 32