كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

{ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ , وَمَحْلُوبٌ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : يُشْبِهُ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّ مَنْ رَهَنَ ذَاتَ دَرٍّ وَظَهْرٍ لَمْ يُمْنَعْ الرَّاهِنُ دَرَّهَا وَظَهْرَهَا ; لِأَنَّ لَهُ رَقَبَتَهَا , وَهِيَ مَحْلُوبَةٌ , وَمَرْكُوبَةٌ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الرَّهْنِ , وَلاَ يُمْنَعُ الرَّاهِنُ بِرَهْنِهِ إيَّاهَا مِنْ الدَّرِّ وَالظَّهْرِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ الرَّهْنُ بِالرَّهْنِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الدَّرِّ وَالظَّهْرِ . وَهَكَذَا إذَا رَهَنَهُ مَاشِيَةً رَاعِيَةً فَعَلَى رَبِّهَا رَعْيُهَا , وَلَهُ حَلْبُهَا وَنِتَاجُهَا وَتَأْوِي إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى يَدَيْهِ , وَإِذَا رَهَنَهُ مَاشِيَةً , وَهُوَ فِي بَادِيَةٍ فَأَجْدَبَ مَوْضِعُهَا وَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ حَبْسَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَيُقَالُ لَهُ إنْ رَضِيت أَنْ يَنْتَجِعَ بِهَا رَبُّهَا , وَإِلَّا جُبِرْت أَنْ تَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ يَنْتَجِعُ بِهَا إذَا طَلَبَ ذَلِكَ رَبُّهَا , وَإِذَا أَرَادَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ النُّجْعَةَ مِنْ غَيْرِ جَدْبٍ وَالْمُرْتَهِنِ الْمُقَامَ قِيلَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ لَيْسَ لَك إخْرَاجُهَا مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي رَهَنْتهَا بِهِ إلَّا مِنْ ضَرَرٍ عَلَيْهَا , وَلاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ فَوَكِّلْ بِرِسْلِهَا مَنْ شِئْت . وَإِنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ النُّجْعَةَ مِنْ غَيْرِ جَدْبٍ قِيلَ لَهُ لَيْسَ لَك تَحْوِيلُهَا مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي ارْتَهَنْتهَا بِهِ وَبِحَضْرَةِ مَالِكِهَا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَتَرَاضَيَا مَنْ شِئْتُمَا مِمَّنْ يُقِيمُ فِي الدَّارِ مَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْدِبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلاَ جُبِرَا عَلَى رَجُلٍ تَأْوِي إلَيْهِ , وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي رَهَنَهَا بِهَا غَيْرَ مُجْدِبَةٍ وَغَيْرُهَا أَخْصَبُ مِنْهَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى نَقْلِهَا مِنْهَا فَإِنْ أَجْدَبَتْ فَاخْتَلَفَتْ نُجْعَتُهُمَا إلَى بَلَدَيْنِ مُشْتَبِهَيْنِ فِي الْخِصْبِ فَسَأَلَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ وَسَأَلَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ قِيلَ إنْ اجْتَمَعْتُمَا مَعًا بِبَلَدٍ فَهِيَ مَعَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى يَدَيْهِ , وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُكُمَا فَاخْتَلَفْتُمَا جُبِرْتُمَا عَلَى عَدْلٍ تَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَنْتَجِعُ إلَيْهِ رَبُّ الْمَاشِيَةِ ; لِيَنْتَفِعَ بِرِسْلِهَا وَأَيُّهُمَا دَعَا إلَى بَلَدٍ فِيهِ عَلَيْهَا ضَرَرٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَقُّ الرَّاهِنُ فِي رِقَابِهَا وَرِسْلِهَا وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِقَابِهَا . وَإِذَا رَهَنَهُ مَاشِيَةً عَلَيْهَا صُوفٌ أَوْ شَعْرٌ أَوْ وَبَرٌ فَإِنْ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَجُزَّهُ فَذَلِكَ لَهُ ; لِأَنَّ صُوفَهَا وَشَعْرَهَا وَوَبَرَهَا غَيْرُهَا كَاللَّبَنِ وَالنِّتَاجِ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِبَيْعِهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَوَاءً فِي اللَّبَنِ .@

الصفحة 339