كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)
ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الرَّهْنِ . وَإِذَا رَهَنَهُ شَجَرًا صِغَارًا فَكَبِرَ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ ; لِأَنَّهُ رَهَنَهُ بِعَيْنِهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ رَهَنَهُ ثَمَرًا صِغَارًا فَبَلَغَ كَانَ رَهْنًا بِحَالِهِ , وَإِذَا رَهَنَهُ أَرْضًا وَنَخْلاً فَانْقَطَعَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَدَمَتْ وَدُثِّرَ مَشْرَبُهَا لَمْ يُجْبَرْ الرَّاهِنُ أَنْ يُصْلِحَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُصْلِحَهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ , كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا , وَإِنْ أَصْلَحَهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِإِصْلاَحِهِ , وَإِنْ أَرَادَ إصْلاَحَهُ بِشَيْءٍ يَكُونُ صَلاَحًا مَرَّةً وَفَسَادًا أُخْرَى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ فَسَدَ بِهِ ; لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِمَا صَنَعَ مِنْهُ . وَإِذَا رَهَنَهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَغَابَ الرَّاهِنُ أَوْ مَرِضَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ , وَلاَ تَكُونُ لَهُ النَّفَقَةُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ وَيَجْعَلَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ تُمَاتَ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ بِغَيْرِ حَقٍّ , وَلاَ حَرَجَ فِي إمَاتَةِ مَا لاَ رُوحَ فِيهِ مِنْ أَرْضٍ وَنَبَاتٍ , وَالدَّوَابُّ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ كُلُّهَا كَالْعَبِيدِ إذَا كَانَتْ مِمَّا تُعْلَفُ فَإِنْ كَانَتْ سَوَائِمَ رُعِيَتْ , وَلَمْ يُؤْمَرْ بِعَلْفِهَا ; لِأَنَّ السَّوَائِمَ هَكَذَا تُتَّخَذُ . وَلَوْ تَسَاوَكَتْ هَزْلاً , وَكَانَ الْحَقُّ حَالًّا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الرَّاهِنِ بِبَيْعِهَا , وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ إلَى أَجَلٍ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مُرُوا الرَّاهِنَ بِذَبْحِهَا فَيَبِيعُ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الرَّاهِنِ ; لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ يُحْدِثُ لَهَا الْغَيْثَ فَيَحْسُنُ حَالُهَا بِهِ , وَلَوْ أَصَابَهَا مَرَضٌ جَرَبٌ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يُكَلَّفْ عِلاَجَهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَذْهَبُ بِغَيْرِ الْعِلاَجِ , وَلَوْ أَجْدَبَ مَكَانُهَا حَتَّى تَبَيَّنَ ضَرَرُهُ عَلَيْهَا كُلِّفَ رَبُّهَا النُّجْعَةَ بِهَا إذَا كَانَتْ النُّجْعَةُ مَوْجُودَةً لِأَنَّهَا إنَّمَا تُتَّخَذُ عَلَى النُّجْعَةِ , وَلَوْ كَانَ بِمَكَانِهَا عُصُمٌ مِنْ عِضَاهِ تَمَاسَكَ بِهَا , وَإِنْ كَانَتْ النُّجْعَةُ خَيْرًا لَهَا لَمْ يُكَلَّفْ صَاحِبُهَا النُّجْعَةَ بِهَا ; لِأَنَّهَا لاَ تَهْلِكُ عَلَى الْعُصُمِ , وَلَوْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ أَوَارِكَ أَوْ@
الصفحة 344