كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

قال : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَأْيُ سَعْدٍ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَرِهَ الْبَيْضَاءَ بِالسَّلْتِ , فَإِنْ كَانَ كَرِهَهَا بِسُنَّةٍ فَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَعَلَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَرِهَهَا لِذَلِكَ , فَإِنْ كَانَ كَرِهَهَا مُتَفَاضِلَةً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَجَازَ الْبُرَّ بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلاً وَلَيْسَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ حُجَّةٌ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيْضًا.
قال : وَهَكَذَا كُلُّ مَا اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ وَأَصْنَافُهُ مِنْ الطَّعَامِ فَلاَ بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ وَلاَ خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً كَالدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ لاَ يَخْتَلِفُ هُوَ , وَهِيَ وَكَذَلِكَ زَبِيبٌ بِتَمْرٍ وَحِنْطَةٌ بِشَعِيرٍ وَشَعِيرٌ بِسَلْتٍ وَذُرَةٌ بِأُرْزٍ وَمَا اخْتَلَفَ أَصْنَافُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ , هَكَذَا كُلُّهُ وَفِي حَدِيثِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . دَلاَئِلُ مِنْهَا أَنَّهُ سَأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالرُّطَبِ عَنْ نُقْصَانِهِ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا حَضَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْهُ وَبِهَذَا صِرْنَا إلَى قِيَمِ الْأَمْوَالِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقَبُولِ مِنْ أَهْلِهَا , وَمِنْهَا أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - نَظَرَ فِي مُعْتَقَبِ الرُّطَبِ فَلَمَّا كَانَ يَنْقُصُ لَمْ يُجِزْ بَيْعَهُ بِالتَّمْرِ ; لِأَنَّ التَّمْرَ مِنْ الرُّطَبِ إذَا كَانَ نُقْصَانُهُ غَيْرَ مَحْدُودٍ وَقَدْ حَرُمَ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ إلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ وَكَانَتْ فِيهَا زِيَادَةُ بَيَانِ النَّظَرِ فِي الْمُعْتَقَبِ مِنْ الرُّطَبِ فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ رُطَبٌ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ لِاخْتِلاَفِ الْكَيْلَيْنِ وَكَذَلِكَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ ; لِأَنَّهُ نَظَرَ فِي الْبُيُوعِ فِي الْمُعْتَقَبِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَزِيدَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَهُمَا رُطَبَانِ مَعْنَاهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ فَإِذَا نَظَرَ فِي الْمُعْتَقَبِ فَلَمْ يَجُزْ رُطَبٌ بِرُطَبٍ ; لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ وَلاَ يُعْرَف كَيْفَ يَكُونَانِ فِي الْمُعْتَقَبِ وَكَانَ بَيْعًا مَجْهُولاً الْكَيْلُ بِالْكَيْلِ وَلاَ يَجُوزُ الْكَيْلُ وَلاَ الْوَزْنُ بِالْكَيْلِ @

الصفحة 36