كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

وَالْآخَرُ : أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الرَّهْنُ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِالرَّهْنِ مِثْلَ مَا يَمْلِكُ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَهُ .
الرِّسَالَةُ فِي الرَّهْنِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ مَتَاعًا فَقَالَ لَهُ : ارْهَنْهُ عِنْدَ فُلاَنٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ الدَّافِعُ : إنَّمَا أَمَرْته أَنْ يَرْهَنَهُ عِنْدَك بِعَشَرَةٍ , وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ : جَاءَنِي بِرِسَالَتِك فِي أَنْ أُسَلِّفَك عِشْرِينَ فَأَعْطَيْته إيَّاهَا فَكَذَّبَهُ الرَّسُولُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ وَالْمُرْسِلِ وَلاَ أَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ , وَلَوْ صَدَّقَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ : قَدْ قَبَضْت مِنْك عِشْرِينَ , وَدَفَعْتهَا إلَى الْمُرْسِلِ , وَكَذَّبَهُ الْمُرْسِلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْسِلِ مَعَ يَمِينِهِ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ وَلاَ دَفَعَ إلَيْهِ إلَّا هِيَ , وَكَانَ الرَّهْنُ بِعَشَرَةٍ , وَكَانَ الرَّسُولُ ضَامِنًا لِلْعَشَرَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا مَعَ الْعَشَرَةِ الَّتِي أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِقَبْضِهَا . وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا فَرَهَنَهُ عِنْدَ رَجُلٍ , وَقَالَ الرَّسُولُ : أَمَرْتنِي بِرَهْنِ الثَّوْبِ عِنْدَ فُلاَنٍ بِعَشَرَةٍ فَرَهَنْته , وَقَالَ الْمُرْسِلُ : أَمَرْتُك أَنْ تَسْتَسْلِفَ مِنْ فُلاَنٍ عَشَرَةً بِغَيْرِ رَهْنٍ وَلَمْ آذَنْ لَك فِي رَهْنِ الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ وَالْعَشَرَةُ حَالَّةٌ عَلَيْهِ , وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ : أَمَرْتُك بِأَخْذِ عَشَرَةٍ سَلَفًا فِي عَبْدِي فُلاَنٍ , وَقَالَ الرَّسُولُ : بَلْ فِي ثَوْبِك هَذَا أَوْ عَبْدِك هَذَا الْعَبْدُ غَيْرُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْآمِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ , وَالْعَشَرَةُ حَالَّةٌ عَلَيْهِ وَلاَ رَهْنَ فِيمَا رَهَنَ بِهِ الرَّسُولُ وَلاَ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْآمِرُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَا فِيهِ رَهْنًا وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ الثَّوْبَ أَوْ الْعَبْدَ الَّذِي أَقَرَّ الْآمِرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَهْنِهِ كَانَ الْعَبْدُ مَرْهُونًا وَالثَّوْبُ الَّذِي أَنْكَرَ الْآمِرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَهْنِهِ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْآمِرَ أَمَرَ بِرَهْنِ الثَّوْبِ وَأَقَامَ الْآمِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَمَرَ بِرَهْنِ الْعَبْدِ دُونَ الثَّوْبِ وَلَمْ يَرْهَنْ الْمَأْمُورُ الْعَبْدَ أَوْ أَنَّهُ نَهَى عَنْ رَهْنِ الثَّوْبِ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُرْتَهِنِ وَأَجَزْتُ لَهُ مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ رَهْنًا لِأَنِّي إذَا جَعَلْتُ بَيْنَهُمَا صَادِقَةً مَعًا , لَمْ تُكَذِّبْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ; لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُرْتَهِنِ بِأَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ أُكْرِهَ بِرَهْنِهِ قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً بِلاَ تَكْذِيبٍ لِبَيِّنَةِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ رَهْنِهِ وَلاَ أَنَّهُ أَمَرَ بِرَهْنِ@

الصفحة 362