كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ إذَا عَرَفَ لِرَجُلٍ حَقًّا أَبَدًا فَهُوَ لاَزِمٌ لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ لاَ يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِبْرَاءِ صَاحِبِ الْحَقِّ لَهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ يُثْبِتُونَهُ بِعَيْنِهِ فَيَلْزَمُهُ . وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلاً رَهْنًا بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَأَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ عَشَرَةٌ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ تِسْعُونَ فَإِذَا أَدَّاهَا , فُكَّ لَهُ الرَّهْنُ , وَإِلَّا بِيعَ الرَّهْنُ عِنْدَ مَحِلِّهِ وَاقْتُضِيَتْ مِنْهُ التِّسْعُونَ , وَلَوْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ : قَضَاهُ شَيْئًا مَا نُثْبِتُهُ أَوْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ : أَقَرَّ عِنْدَنَا الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا مَا نُثْبِتُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا قِيلَ أَقَرُّوا فِيهَا بِشَيْءٍ مَا كَانَ وَاحْلِفُوا مَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَخُذُوا مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّكُمْ , وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ الْمَيِّتَ وَالْمُرْتَهِنُ الْحَيَّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ قَضَانِي شَيْئًا مِنْ الْحَقِّ مَا أَعْرِفُهُ قِيلَ لِلرَّاهِنِ إنْ كَانَ حَيًّا وَوَرَثَتُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا ادَّعَيْتُمْ شَيْئًا تُسَمُّونَهُ أَحَلَفْنَاهُ لَكُمْ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهُ , وَقُلْنَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ مَا كَانَ فَمَا أَقَرَّ بِهِ وَحَلَفَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ , قَبِلْنَا قَوْلَهُ فِيهِ .
جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ عَلَى سَيِّدِهِ وَمِلْكِ سَيِّدِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فَجَنَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ جِنَايَةً تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ فَوَلِيُّ سَيِّدِهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقِصَاصِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْعَفْوِ بِلاَ شَيْءٍ فِي رَقَبَتِهِ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيهِ , وَإِنْ عَفَا عَنْهُ بِلاَ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَالْعَبْدُ مَرْهُونٌ بِحَالِهِ , وَإِنْ عَفَا عَنْهُ بِأَخْذِ دِيَتِهِ مِنْ رَقَبَتِهِ فَفِيهَا قَوْلاَنِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا أَتَتْ عَلَى نَفْسِ سَيِّدِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لاَ تَخْتَلِفُ فِي شَيْءٍ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ : إنَّمَا مَنَعَنِي إذَا تَرَكَ الْوَلِيُّ الْقَوَدَ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ أَنْ أُبْطِلَ الْجِنَايَةَ أَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي لَزِمَتْ الْعَبْدَ مَالٌ لِلْوَارِثِ وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلْعَبْدِ يَوْمَ جَنَى فَيَبْطُلُ حَقُّهُ فِي رَقَبَتِهِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْجِنَايَةَ هَدَرٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَمْلِكُهَا بَعْدَمَا يَمْلِكُهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ , وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ : لَوْلاَ أَنَّ الْمَيِّتَ مَالِكٌ مَا قَضَى بِهَا دَيْنَهُ , وَلَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ وَارِثَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْجِنَايَةِ بِلاَ مَالٍ كَانَ الْعَفْوُ فِي الْقَوْلِ@

الصفحة 364