كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 4)

يَمْنَعُنِي أَنْ أَبْطَلَ جِنَايَةَ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا جَنَى عَلَى ابْنِ سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ السَّيِّدُ وَارِثُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ غَيْرُ سَيِّدِ الْجَانِي , وَلاَ رَاهِنِهِ , وَإِنَّمَا مَلَكَهَا سَيِّدُهُ الرَّاهِنُ عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهَذَا مِلْكٌ غَيْرُ مِلْكِ السَّيِّدِ الْأَوَّلِ . وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ عَدَا الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى ابْنٍ لِنَفْسِهِ مَمْلُوكُ الرَّاهِنِ فَقَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلاَ قَوَدَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ ابْنِهِ وَالْجِنَايَةُ مَالٌ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَلاَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهُ بِهَا , وَلاَ إخْرَاجُهُ مِنْ الرَّهْنِ ; لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَهُ فِي عُنُقِ عَبْدِهِ دَيْنٌ وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَقَتَلَتْ ابْنَهَا , وَلَوْ كَانَ الِابْنُ الْمَقْتُولُ رَهْنًا لِرَجُلٍ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ لِلْأَبِ بِيعَ الْعَبْدُ الْأَبُ الْقَاتِلُ فَجُعِلَ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ الْمَقْتُولِ رَهْنًا فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ مَكَانَهُ . وَلَوْ كَانَ الِابْنُ مَرْهُونًا لِرَجُلٍ غَيْرِ مُرْتَهِنِ الْأَبِ بِيعَ الْأَبُ فَجُعِلَ ثَمَنُ الِابْنِ رَهْنًا مَكَانَهُ , وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ عَفْوُهُ ; لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَوَدٌ قَطُّ إنَّمَا وَجَبَ فِي عِتْقِهِ مَالٌ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَعْفُوَهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِيهِ .
وَلَوْ كَانَ الْأَبُ وَالِابْنُ مَمْلُوكَيْنِ لِرَجُلٍ وَرَهَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلاً عَلَى حِدَةٍ فَقَتَلَ الِابْنُ الْأَبَ كَانَ لِسَيِّدِ الْأَبِ أَنْ يَقْتُلَ الِابْنَ أَوْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَتْلِ بِلاَ مَالٍ , وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ جَرَحَهُ جُرْحًا فِيهِ قَوَدٌ كَانَ لَهُ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ بِلاَ مَالٍ فَإِنْ اخْتَارَ الْعَفْوَ بِالْمَالِ بِيعَ الِابْنُ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَ مَا لَزِمَهُ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ . وَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَتْلُ خَطَأً وَالْعَبْدَانِ مَرْهُونَانِ لِرَجُلَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ فَلاَ شَيْءَ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْعَفْوِ وَيُبَاعُ الْجَانِي فَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا لِمُرْتَهِنِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَعْنَاقِهِمَا حُكْمٌ إلَّا الْمَالُ لاَ خِيَارَ فِيهِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ سَيِّدًا .
وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى نَفْسِهِ جِنَايَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَهِيَ هَدَرٌ , وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى امْرَأَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ جِنَايَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِرَجُلٍ فَنَكَحَهَا الْعَبْدُ فَالْجِنَايَةُ لِمَالِكِ الْجَارِيَةِ يُبَاعُ فِيهَا الرَّهْنُ فَيُعْطَى قِيمَةَ الْجَنِينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْعَبْدِ الرَّهْنِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ الْجَنِينِ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجَنِينِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْجَنِينِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ خَطَأً لَيْسَ لِلسَّيِّدِ عَفْوُهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِيهَا وَيَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْهُ رَهْنًا .@

الصفحة 367